المسائل لا يسوغ، وينكر فيها على المخالف لعقيدة السلف.
5 - أن تكون المسألة المجتهد فيها من النوازل والوقائع، أو مما يمكن وقوعها في الغالب، وتمس الحاجة إلى معرفة أحكامها، كما سبق (¬1).
ثالثًا: تقوى الله وصدق اللَّجَأ إليه تعالى وسؤاله التوفيق:
وهذا من أهم الآداب التي يتعين على المفتي والمجتهد مراعاتها عند النظر؛ ليحصل له التوفيق للصواب، فإنَّ الله تعالى يقول عن الملائكة: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32].
ويقول سبحانه: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113]، ويقول سبحانه: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 25 - 28].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت" (¬2).
وفي قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 105 - 106]، الأمر بالاستغفار مقرونًا بالحكم بين الناس، مما يشير إلى أنه ينبغي للمفتي أن يستغفر ربه، ويلجأ إليه قبل الإفتاء والحكم.
¬__________
(¬1) الرسالة، للشافعي، (ص 560)، الفصول في الأصول، للجصاص، (4/ 13)، الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي، (1/ 504)، الموافقات، للشاطبي، (5/ 114 - 118)، إعلام الموقعين، لابن القيم، (1/ 67 - 69)، شرح الكوكب المنير، لابن النجار، (4/ 584 - 588)، جامع العلوم والحكم، لابن رجب الحنبلي، (1/ 241 - 252).
(¬2) أخرجه: أبو داود، كتاب الأدب، باب: ما يقول إذا أصبح، (5090)، والبخاري في "الأدب المفرد"، (701)، والإمام أحمد في "مسنده" (5/ 42)، من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-. وصححه ابن حبان (3/ 250).