كتاب فقه النوازل للأقليات المسلمة (اسم الجزء: 2)

عبادة الله لا بدَّ أن يعبد غيره (¬1).
قال ابن القيم في النونية:
هَرَبُوا مِنَ الرِّقِ الَّذِي خُلِقُوا لَهُ ... فبُلُوا بِرِقِّ النَّفْسِ والشَّيْطَانِ
ويدل لهذا قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} [الجاثية: 23].
وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - من انشغل بالدنيا ورضي بها وكانت هي محلَّ سعادته ومعقدَ ولائه وبرائه عابدًا لها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أُعطي رضي، وإن لم يُعْطَ سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش. . ." (¬2).
والعبادة ليست قاصرة على الشعائر، بل معناها جامع، كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة (¬3).
فالدين كله داخل في العبادة، ومن ثم فتصرفات المسلم كلها يجب أن تكون ضمن إطار العبادة، لأجل تحقيق العبودية لله رب العالمين، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بأصلين:
1 - أن لا يعبد إلا الله.
2 - أن لا يعبد الله إلا بما أمر وشرع (¬4).
فلا يعبد الله بغير ذلك من الأهواء والظنون والبدع.
¬__________
(¬1) العبودية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، تحقيق: محمد زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 7، 1426 هـ - 2005 م، (ص 100).
(¬2) أخرجه: البخاري، كتاب الجهاد، باب: الحراسة في الغزو في سبيل الله، (2886، 2887)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(¬3) العبودية، لابن تيمية، (ص 44).
(¬4) المرجع السابق، (ص 71).

الصفحة 695