كتاب فقه النوازل للأقليات المسلمة (اسم الجزء: 2)

وأبي سليمان (¬1)، ومعروف الكرخي (¬2)، وأمثالهم، إلا وهم مصرِّحون بأن أفضل علمهم ما كانوا فيه مقتدين بعلم الصحابة، وأفضل عملهم ما كانوا فيه مقتدين بعمل الصحابة، وهم يرون الصحابة فوقهم في جميع أبواب الفضائل والمناقب" (¬3).
ثم إن التابعين وتابعيهم قد حصل لهم من العلم بمراد الله ورسوله ما هو أقرب إلى منزلة الصحابة ممن هم دونهم؛ وذلك لملازمتهم لهم، واشتغالهم بالقرآن حفظًا وتفسيرًا، وبالحديث رواية ودراية، ورحلاتهم في طلب الصحابة وطلب حديثهم وعلومهم مشهورة معروفة، "ومن المعلوم أن كل من كان بكلام المتبوع وأحواله وبواطن أموره وظواهرها أعلم، وهو بذلك أقوم، كان أحقَّ بالاختصاص به، ولا ريب أن أهل الحديث أعلمُ الأمة وأخصُّها بعلم الرسول - صلى الله عليه وسلم -" (¬4).

رابعًا: الإيمان بالنصوص على ظاهرها، وردُّ التأويل المتعسف:
ويقصد بظاهر النصوص مدلولها المفهوم بمقتضى الخطاب العربي، لا ما يقابل النصَّ عند الأصوليين، والظاهر عندهم ما احتمل معنًى راجحًا وآخرَ مرجوحًا،
¬__________
= عابدًا ورعًا كثيرَ الحديث، حدَّث عن منصور، والأعمش، وبيان بن بشر، وحدَّث عنه ابن المبارك، ويحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وابن عيينة، توفي سنة 187 هـ. الطبقات الكبرى، لابن سعد، (5/ 500)، وسير أعلام النبلاء، للذهبي، (8/ 421).
(¬1) أبو سليمان، عبد الرحمن بن أحمد بن عطية الداراني، الإمام الكبير، زاهد العصر، ولد في حدود الأربعين ومئة، روى عن سفيان الثوري، وأبي الأشهب العطاردي، وعبد الواحد بن زيد البصري، وروى عنه تلميذه أحمد ابن أبي الحواري، وهاشم بن خالد، وحميد بن هشام العنسي، توفي سنة 215 هـ. تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي، (11/ 523)، وسير أعلام النبلاء، للذهبي، (10/ 182).
(¬2) أبو محفوظ، معروف بن الفيرزان، العابد المعروف بالكرخي، كان أحد المشتهرين بالزهد والعزوف عن الدنيا وأسند أحاديث كثيرة عن بكر بن خنيس، والربيع بن صبيح، وغيرهما، روى عنه خلف بن هشام البزاز، وزكريا بن يحيى المروزي، توفي سنة 200 هـ. تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي، (15/ 263)، وسير أعلام النبلاء، للذهبي، (9/ 339).
(¬3) شرح العقيدة الأصفهانية، لابن تيمية، (ص 211 - 212).
(¬4) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (4/ 91).

الصفحة 731