كتاب فقه النوازل للأقليات المسلمة (اسم الجزء: 2)

يحولها من حال إلى حال، ويبدلها خلقًا بعد خلق، ولا التفات إلى موادِّها وعناصرِها.
وأما ما استحال بسببِ كسبِ الإنسان: كإحراق الرَّوث حتى يصير رمادًا، ووضع الخنزير في الملاحة حتى يصير ملحًا، ففيه خلاف مشهور، وللقول بالتطهير اتجاه وظهور" (¬1).

القول الثاني: نجس العين لا يطهر بالاستحالة:
وبه قال أبو يوسف من الحنفية (¬2)، والشافعية (¬3)، والحنابلة (¬4) في ظاهر المذهب.
وهذه بعض النقول عنهم:

الحنفية:
قال ابن الهمام -رحمه الله-: "السرجين والعذرة تحترق فتصير رمادًا تطهر عنده خلافًا لأبي يوسف" (¬5).

الشافعية:
قال الشيرازي -رحمه الله-: "ولا يطهر من النجاسات بالاستحالة إلا شيئان:
أحدهما: جلد الميتة إذا دُبغَ، والثاني: الخمر".
إلى أن قال -رحمه الله-: "وإن أُحْرِقَ السرجين أو العذرة فصار رمادًا لم يطهر؛ لأن نجاستها لعينها، ويخالف الخمر؛ لأن نجاستها لمعنًى معقولٍ، وقد زال" (¬6).
وقال النووي -رحمه الله-: "مذهبنا أنه لا يطهر السرجين، والعذرة، وعظام الميتة، وسائر الأعيان النجسة بالإحراق بالنار، وكذا لو وقعت هذه الأشياء في مملحة، أو وقع
¬__________
(¬1) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (21/ 601).
(¬2) شرح فتح القدير، لابن الهمام، (1/ 200)، البحر الرائق، لابن نجيم، (1/ 239).
(¬3) نهاية المحتاج، للرملي، (1/ 247)، روضة الطالبين، للنووي، (1/ 27).
(¬4) الإقناع لطالب الانتفاع، لأبي النجا شرف الدين موسى بن أحمد الحجاوي، تحقيق: عبد اللطيف محمد موسى السبكي، دار المعرفة، بيروت، (1/ 60)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (1/ 209).
(¬5) شرح فتح القدير، لابن الهمام، (1/ 200).
(¬6) المجموع، للنووي، (2/ 574)، بتصرف يسير.

الصفحة 806