كتاب الأصول من علم الأصول

مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِه} [التوبة: من الآية ٥٤]. ولا يؤمر بقضائه إذا أسلم؛ لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [لأنفال: من الآية ٣٨] وقوله صلّى الله عليه وسلّم لعمرو بن العاص: «أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله» (١)، وإنما يعاقب على تركه إذا مات على الكفر؛ لقوله تعالى عن جواب المجرمين إذا سئلوا: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر:٤٢] {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر:٤٣] {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر:٤٤] {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر:٤٥] {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر:٤٦] {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر:٤٧]

موانع التكليف:
للتكليف موانع منها: الجهل والنسيان والإكراه؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (٢). رواه ابن ماجه والبيهقي، وله شواهد من الكتاب والسنة تدل على صحته.
فالجهل: عدم العلم، فمتى فعل المكلف محرماً جاهلاً بتحريمه فلا شيء عليه، كمن تكلم في الصلاة جاهلاً بتحريم الكلام، ومتى ترك واجباً جاهلاً بوجوبه لم يلزمه قضاؤه إذا كان
---------------
(١) رواه مسلم «١٢١» كتاب الإيمان، ٥٤ - باب كون الإسلام يهدم ما كان قبله وكذا الهجرة والحج.
(٢) رواه ابن ماجه «٢٠٤٣، ٢٠٤٥» كتاب الطلاق، ١٦ - باب طلاق المكره والناسي.
والبهقي «٦/ ٨٤» كتاب الإقرار، باب من لا يجوز إقراره. قال العجلوني في «كشف الخفاء» «١/ ٥٢٣/ ١٣٩٣»: حسنه النووي في «الروضة» و «الأربعين».
وجود إسناده ابن كثير في «تحفة الطالب» «١/ ٢٧١/ ١٥٨».

الصفحة 32