كتاب الأصول من علم الأصول

حكمة الله ورحمته بعباده أن يشرع لهم ما يعلم تعالى أن فيه قيام مصالح دينهم ودنياهم، والمصالح تختلف بحسب الأحوال والأزمان، فقد يكون الحكم في وقت أو حال أصلح للعباد، ويكون غيره في وقت أو حال أخرى أصلح، والله عليم حكيم.
وأما وقوعه شرعاً فلأدلة منها:
١ - قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: من الآية ١٠٦]
٢ - قوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُم} [لأنفال: من الآية ٦٦] {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنّ} [البقرة: من الآية ١٨٧] فإن هذا نص في تغيير الحكم السابق.
٣ - قوله صلّى الله عليه وسلّم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» (١) فهذا نص في نسخ النهي عن زيارة القبور.

ما يمتنع نسخه:
يمتنع النسخ فيما يأتي:
١ - الأخبار، لأن النسخ محله الحكم، ولأن نسخ أحد الخبرين يستلزم أن يكون أحدهما كذباً، والكذب مستحيل في أخبار الله ورسوله، اللهم إلا أن يكون الحكم أتى بصورة الخبر، فلا يمتنع نسخه كقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [لأنفال: من الآية ٦٥] الآية، فإن هذا خبر معناه الأمر، ولذا جاء
---------------
(١) رواه مسلم «٩٧٧» كتاب الجنائز، ٣٦ - باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه.
وانظر: كتاب الأضاحي، ٥ - باب بيان ما كان من النبي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام وبيان نسخة وإباحته إلى متى شاء.

الصفحة 52