كتاب دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد

ثم نَسَقَ في هذه الآية عملًا بعد عملٍ وذكر فيها التوكل، وهو باطنٌ.
الثاني: أنه ذكر زيادة الإيمان بتلاوة الآيات عليهم وهم ينكرونه.
الثالث: أنه لم يُثبت لهم حقيقةَ الإيمان إلَاّ باجتماع خصال الخير من الأَعمال الظاهرة و الباطنة، وهم يثبتون حقيقة بالقول وحده.
الرابع: أنَّه -جل وتعالى- قال بعد ذلك كله: {لَهُمْ دَرَجَاتٌ} الأنفال: ٤ وقد أثبت لهم الإيمان بشرائطه وحقيقته، وهم لا يجعلون للمؤمن في إيمانه إلَاّ درجة واحدة، ولا يجعلون للإيمان أجزاء ... ) (¬١) فوقوع التفاضل في الأعمال الظاهرة =يقتضي التفاضل في موجب ذلك وسَببه الذي في القلب (¬٢) .
وقوله تعالى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} المدثر: ٣١
وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (٤)} الفتح
وقوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)} [آل عمران ١٧٣].
وقوله: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤)} التوبة
إلى غير ذلك من الأدلَّة المصرحة بزيادة الإيمان ونقصانه.
٢ - دلالة الأدلة على زيادة الهدى، والسكينة، وغير ذلك:
فالهدى والسكينة عملان من أعمال القلب يقع فيهما التفاضل، والتفاوت، والزيادة والنقص، فمن ذلك:
---------------
(¬١) "نُكت القرآن"لابن القصَّاب (١/ ٤٦١ - ٤٦٢)
(¬٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (٧/ ٥٦٣)

الصفحة 117