كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

وأخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كاَنَ يُؤْمِنُ بالله وَاليَوْمَ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كاَنَ يُؤْمِنُ بالله وَالْيَوْمَ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كاَنَ يُؤْمِنُ بالله وَالْيَوْمَ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". (¬1)
وأخرج مسلم عَنْ حَنَشٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ فِي غَزْوَةٍ فَطَارَتْ لِي وَلأصْحَابي قِلادَةٌ فِيهَا ذَهَبٌ وَوَرِقٌ وَجَوْهَرٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهَا فَسَأَلْتُ فَضَالةَ بْنَ عُبَيْدٍ فَقَالَ: انْزِعْ ذَهَبَهَا فَاجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ وَاجْعَلْ ذَهَبَكَ فِي كِفَّةٍ ثُمَّ لا تَأْخُذَنَّ إِلَّا مِثْلا بِمِثْلٍ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنْ كاَنَ يُؤْمِنُ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَأْخُذَنَّ إِلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ". (¬2)
وأخرج البخاري عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعَ: "اسْتَنْصِتِ النَّاسَ فَقَالَ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بعضٍ". (¬3)
وأخرج البخاري عَنِ الحْسَنِ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ. قَالَ: ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ يا رَسُولَ الله هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ كاَنَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ". (¬4)
فمذهب أهل السنة أن نفي الإيمان عن مرتكبي الكبائر المذكورة في الأحاديث سالفة الذكر ليست على ظاهرها في نفي مطلقْ الإيمان- بدليل أن بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - وقع في بعضها ولم تخرجه عن دائرة الإيمان ولا عن دائرة الصحبة - وإنما خرجت مخرج التهديد والتوعد في مقام التأديب والنهي عن الوقوع في هذه الكبائز وقد حملها أهل السنة على نفي كمال الإيمان.
¬__________
(¬1) صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب (85)، مج 4، ج 7، ص 135 - 136، الحديث (6136).
(¬2) صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب (17)، ج 3، ص 1214، الحديث (1591) (92).
(¬3) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب (44)، مج 1، ج 1، ص 47، الحديث (121).
(¬4) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب (23)، مج 1، ج 1، ص 16، الحديث (31).

الصفحة 126