كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

أو لأجل كذا، وكي. (¬1) ومثلوا لذلك بقوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7]، وقوله: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32].
2 - ما يدل على العلِّيّة دلالة ظاهرة، وقد اختُلِفَ في عددها، فجعلها الإسنوي ثلاثة، (¬2) هي: اللام: مثل قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]، وإِنَّ، ومثال ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في المُحْرِم الذي وقصته ناقته: " ... وَلَا تُغَطُّوا وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُلَبِّي"، (¬3) والباء، ومثال ذلك قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الحشر: 4].
وجعلها الآمدي خمسة، هي: اللام، والكاف، و"مِنْ"، و"إِنّ"، والباء. (¬4) وزاد البعض "أنْ"، و"إِنْ"، و"أنَّ"، والفاء، ولعل، و"إذْ"، و"حتى". (¬5)
والأصح أن يقال: إن كل ما رُتِّب على حرف من الحروف التي تفيد التعليل كان ظاهراً في التعليل من غير داعٍ إلى حصرٍ في حروف معينة.
والفرق بين القسمين: الأول والثاني أنّ القاطع هو الذي لا يحتمل غير العلِّية، والظاهر هو الذي يحتمل غيرها احتمالًا مرجوحًا؛ وذلك بسبب استعمال تلك الحروف أحياناً في معان أخرى غير التعليل. (¬6)
فإذا صرح الشارع بصيغة من الصيغ الموضوعة للتعليل -والتي لا تحتمل غيره- بأن أمراً ما يُعدّ علّة تشريعِ حكمٍ من الأحكام كان ذلك دليلاً على أن ما في تلك العلة
¬__________
(¬1) جعل الآمدي الكاف مما يدل على العلية دلالة ظنية. انظر الإحكام في أصول الأحكام، ج 3، ص 278.
(¬2) انظر الإسنوي: نهاية السول، ج 3، ص 55 وما بعدها.
(¬3) تمام الحديث فيما رواه مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِي الله عَنْهمَا - قَالَ كَانَ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اغْسِلُوهُ وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا وَلَا تُغَطُّوا وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُلَبِّي". صحيح مسلم، كتاب الحج، باب (14)، ج 2، ص 867، الحديث (1206) (103).
(¬4) انظر الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، ج 3، ص 278.
(¬5) انظر عبد الحكيم عبد الرحمن السعدي: مباحث العلة في القياس، ص 350 - 364.
(¬6) انظر الإسنوي: نهاية السول، ج 3، ص 55 - 56.

الصفحة 154