كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

يناسب الحكم. (¬1)
ومن خلال ما سبق يتبيَّن أن الشبه خاص بالقياس؛ إذْ هو يدور حول إلحاق فرع بأشبه الأصول به، ومن ثَمّ فهو من أنواع القياس وليست له علاقة بالكشف عن مقاصد الشارع.
خامساً - الدوران:
ويسمى أيضاً الطرد والعكس، وهو عبارة عن وجود الحُكْم بوجود الوصف،
وانعدامه بعدمه. (¬2)
ويمكن أن يكون الدوران مسلكاً من مسالك التعرف على كون حِكْمة من الحِكَم مقصداً للشارع في أحكامه، فإذا رأينا تلازماً بين نوعِ أو جنسِ حِكْمة من الحِكم ونوعِ أو جنسِ حُكْم من الأحكام الشرعية حيث يوجد الثاني بوجود الأول وينعدم بانعدامه حصل لنا ظن راجح بأن الشارع قاصد إلى تحصيل تلك الحِكْمة.
ومثال ذلك دوران الحُكم بالتيسير مع وجود المشقة، حيث يدلُّنا تَتَبُّعُ الأحكام الشرعية على أن الشارع ينحو منحى التيسير حيث توجد المشقة التي لا تُحْتَمل عادة، وهذا ثابت في رخص العبادات كما هو في رخص المعاملات. وسيأتي مزيد تفصيل في هذا عند الحديث عن الاستقراء.
وينبغي التنبيه على أن هذا المسلك -مثل غيره- لا ينبغي أخذه على إطلاقه، فليس مطلق الملازمة والدوران يفيد المقصدية، وإنما مع مراعاة الضوابط الشرعية الأخرى بتخصيص ما خصه الشارع واستثناء ما استثناه، فالأحكام والنصوص والقواعد الشرعية ينبغي أن يُنْظر إليها بوصفها وحدة متكاملة.
¬__________
(¬1) انظر الإسنوي: نهاية السول، ج 3، ص 86، الرازي: المحصول، ج 5، ص 201.
(¬2) انظر في ذلك الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، ج 3، ص 330 - 333؛ الإسنوي: نهاية السول، ج 3، ص 91 - 94؛ الشوكاني: إرشاد الفحول، ص 221.

الصفحة 161