كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

سادساً - السّبر والتقسيم:
السبر معناه الاختبار، والتقسيم هو استقراء ما يحتمل أن يكون علَّةً لِشَرْعِ الحُكْم أو مقصداً له، وهو عملية سابقة للسبر.
وسمي بذلك لأن المستنبط يقسم بداية الأوصاف التي تحتمل العليّة، ثم يختبر كل واحد منها ليرى هل يصلح للعلية أم لا؟ (¬1)
وهو على نوعين:
1 - التقسيم الحاصر: وهو الذي يكون دائراً بين النفي والإثبات، مثل قول الشافعي في ولاية الإجبار على النكاح: إما أن لا تكون معللة أصلا، وإما أن تكون معللة. وعلى تقدير تعليلها: إما أن تكون معللة بالبكارة أو الصغر أو بغيرها. والأقسام كلها باطلة سوى الثاني؛ وهو تعليلها بالبكارة. (¬2)
2 - التقسيم المنتشر: وهو التقسيم الذي لا يكون دائرا بين النفي والإثبات. ومثال ذلك قول المعلل: حُرْمَةُ الربا في البُرِّ إما أن تكون معللة بالطعم، أو الكيل، أو القوت، أو المال. والكل باطل إلّا الطعم، فيتعين التعليل به. (¬3)
والسبر والتقسيم في الحقيقة لا يمكن أن يكون مسلكاً مستقلاًّ من مسالك الكشف عن العلة، وإنما هو وسيلة أو طريقة من الطرق المتبعة للتحقّق من عليّة الوصف بناءً على مسلك من المسالك الحقيقية، وهي: النص، والإيماء والتنبيه، والمناسبة. فهو مركّب من التقسيم وهو تجميع للأوصاف أو الحِكَم التي يحتمل كل منها أن يكون علة لحُكْم أو مقصداً شرعياً له، ثُمّ بعد ذلك يكرُّ المجتهد على ما افترضه بالاختبار، فيلغي ما ألغاه الشارع ويستبعد ما عُهِد من الشارع استبعاده ليستقر في الأخير على ما كان مناسبا منها لذلك الحُكْم أو ما عُهِد من الشارع
¬__________
(¬1) انظر الشوكاني: إرشاد الفحول، ص 198؛ الإسنوي: نهاية السول، ج 3، ص 95 - 96.
(¬2) انظر الإسنوي: نهاية السول، ج 3، ص 96؛ الشوكاني: إرشاد الفحول، ص 213 - 214.
(¬3) انظر الرازي: المحصول، ج 5، ص 217؛ الإسنوي: نهاية السول، ج 3، ص 96 - 97.

الصفحة 162