كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

اعتباره في جنس ذلك الحكم، وعماده في ذلك الاختبار النص والإيماء والتنبيه والإجماع والمناسبة، فهي في الحقيقة الأدوات الكاشفة عن علّيّة الوصف أو مقصديّة الحِكْمَة، وإنما السبر والتقسيم طريقة لإعمال تلك الكواشف.
سابعاً - المناسبة:
ويُعبَّر عنها بالإخالة، وبالمصلحة، وبرعاية المقاصد. (¬1)
والمناسب في اللغة هو الملائم، يقال: هذا الشيء مناسب لهذا، أي: ملائم له. (¬2)
أما اصطلاحاً فهناك اتجاهان في تعريفه:
الإتجاه الأول: يعرفه بأنه "الملائمُ لأفعال العقلاء في العادات". (¬3)
والاتجاه الثاني: يعرفه بأنه "الوصف الذي يحصل عقلاً من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصوداً من جلب منفعة أو دفع مضرة". (¬4)
وقد نسب الرازي التعريف الأول إلى الذين لا يقولون بتعليل أفعال الله تعالى، والثاني إلى القائلين بتعليل أفعال الله تعالى. (¬5)
أما الغزالي فقد عرفه بأنه ما كان "على منهاج المصالح، بحيث إذا أُضِيف الحُكْم إليه انتظم"، (¬6) أي الموافق للمقاصد العامة للشريعة.
ومادام المناسب هو الوصف الذي يترتب على شرع الحكم عنده مصلحة، وتحقيق المصلحة مقصد من المقاصد الأساسية للشارع فإن المناسب يكون طريقاً إلى التعرف على المقاصد الشرعية.
¬__________
(¬1) انظر الشوكاني: إرشاد الفحول، ص 214.
(¬2) انظر ابن منظور: لسان العرب، ج 1، ص 756.
(¬3) الرازي: المحصول، ج 5، ص 158.
(¬4) انظر الإسنوي: نهاية السول، ج 3، ص 71 - 72؛ الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، ج 3، ص 294.
(¬5) الرازي: المحصول، ج 5، ص 158 - 159.
(¬6) الغزالي: المستصفى، ج 2، ص 135.

الصفحة 163