كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

لَمَّا رأى أن الناس صاروا يتخذون هذا الطلاق ذريعة لحرمان أصحاب الحقوق من حقوقهم.
4 - المناسب الملغي: وهو المناسب الذي ظهر إلغاؤه وإعراض الشارع عنه في جميع صوره. ومثاله تحصيل الربح من طريق الفوائد الربوية، فمن المقاصد الشرعية للمعاملات المالية تحصيل الربح، والتعامل الربوي -ولا شك- محصِّلُ للربح بالنسبة لصاحب رأس المال، وقد يحصِّلُ فائدة لبعض المقترضين، وقد يقول قائل -بناءً على ذلك- إن التعامل الربوي محقِّق لمقصد من مقاصد المعاملات المالية وهو الربح لرب المال، ودفع حاجة المقترض وبناء على ذلك يمكن التعامل به إذا حقق هذا المقصد. ولكن مهما قيل في هذا فإنه غير صالح للإحتجاج به، أوَّلاً: لأن الشارع قد ألغى هذه المناسبة والمصلحة بنصوص صريحة، وثانياً: لما يترتب على ذلك من مفسدة أكبر وكذلك يقال فيما قد يوجد من مصالح في الخمر والقمار وغيرها من المحرمات.
5 - المناسب المرسل: هناك اتجاهان في تريف المناسب المرسل: (¬1)
الإتجاه الأول: أن المناسب المرسل هو الذي لم يشهد الشرع لا لبطلانه ولا لاعتباره، بمعنى أنه ليس هناك نص يشهد بالاعتبار لنوع هذه المصلحة ولا لجنسها، كما أنه لا يوجد نص يشهد ببطلانها. (¬2)
والواقع أنه عند التدقيق يصعب أن نجد مصلحة مناسبة -لم يثبت إلغاؤها- لا يشهد لها شاهد من المقاصد العامة للشريعة. نعم، قد لا نجد ما يشهد لنوعها أو جنسها القريب، أما أن لا نجد ما يشهد لجنسها -ولو العالي- فهو أمر غير وارد وما يعرف بالمصالح المرسلة، وإن لم يشهد لنوعه أو جنسه القريب نص أو إجماع، إلّا أنه عند إرجاعه إلى المقاصد والمبادئ العامة للشريعة نجده لا يخرج عنها، بل يندرج فيها. وعن هذا المعنى للمناسب المرسل يقول الغزالي: "والصحيح أن الإستدلال المرسل في الشرع لا يُتَصَوَّر حتى نتكلم فيه بنفي أو إثبات؛ إذْ الوقائع لا حصر لها، وكذا
¬__________
(¬1) انظر حسان، حسين حامد: نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي، (القاهرة: مكتبة المتنبي، 1981 م)، ص 15 - 19.
(¬2) انظر حسان، حسين حامد: نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي، ص 17.

الصفحة 167