كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

حكم من قَبْلُ، أو مما يتردد حكمه، أو يلتبس على المستفتي فيمكن أن يكون السكوت عنه دليلاً على انتفائه. (¬1)
ثانياً: السكوت مع عدم توفر الدواعي:
ويندرج تحته:
أ - السكوت عَمّا لم يقع في زمانه - صلى الله عليه وسلم - من حوادث، أو عَمّا وُجِدَ في بيئات أخرى غير بيئته ولم يطّلع عليه.
ب - السكوت عَمّا عُلِمَ حكمهُ إحالة على ما هو معلوم من حكمه.
أ - السكوت عَمّا لم يقع في زمانه - صلى الله عليه وسلم -أو عَمّا وُجِد في بيئة أخرى ولم يطّلع عليه:
وهو الذي يصطلح عليه بالترك غير المقصود، وهو أن لا يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلاً لعدم وجود دواعيه، بأن لا يكون موجوداً أصلاً في زمانه، وإنما حديث بعد زمان الرسالة، أو مما كان موجوداً في بيئات أخرى غير بيئته - صلى الله عليه وسلم - وثبت أنه لم يطّلع عليه. ومثل هذا الترك لا يدلّ على حكم أصلاً، إذْ هو عدم دليل لا استدلالُ بالترك والسكوت، فإذا وُجِدَت مظنة العمل به بعد انقضاء زمن التشريع احتاج الأمر إلى حُكْم جديد يلائم تصرفات الشارع في مثله. وهو الذي قال فيه الشاطبي عند حديثه عن أنواع المسكوت عنه: "أحدهما أن يسكت عنه لأنه لا داعية تقتضيه، ولا موجب يقدر لأجله؛ كالنوازل التي حدثت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنها لم تكن موجودة ثم سكت عنها مع وجودها، وإنما حدثت بعد ذلك، فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تقرر في كلياتها. وما أحدثه السلف الصالح راجع إلى هذا القسم، كجمع المصحف، وتدوين العلم، وتضمين الصناع، وما أشبه ذلك مما لم يَجْرِ له ذكر في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم تكن من نوازل زمانه، ولا عرض للعمل بها
¬__________
(¬1) انظر الزركشي: البحر الحيط، ج 4، ص 208؛ الأشقر: أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ج 2، ص 74 - 75.

الصفحة 183