كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

وهو الأمر الذي اشتهر عند المناطقة وعلماء المناهج باسم "مشكلة الاستقراء".
وبناءً على ما سبق تعرض الإستدلال الإستقرائي إلى عدة طعون يمكن إرجاعها إلى أمرين:
الأول: اعتماده على مصادرات غير مبرهنة، وإنما مأخوذة باعتبارها معارف عقلية قبلية مسلَّمة، ووجود مثل هذه المعارف القبلية أمر غير مسلَّم لدى بعض المذاهب الفلسفية، مثل المذهب التجريبي.
الثاني: كون بعض الاستقراءات إحصائية ظاهرية، مبنية على مجرب الطرد دون اعتبار لمبدأ السببية والعلية، وهي استقراءات يسهل خرقها بتخلف كثير من الأفراد عن الدخول تحت نتائجها.
ويمكن تلخيص ما اصطلح على تسميته (مشكلة الاستقراء) فيما يأتي:
إنه منِ أجل إعطاء مصداقيّة علميّة لنتيجة الاستقراء، حيث يمكين اعتمادها
قانونًا عامًّا يجب التأكد من توافر ثلاثة مبادئ:
1 - يحب إثبات مبدأ السببية العامة، أي إثبات أن لكل ظاهرة طبيعية سببًا، إذ من غير ذلك يصبح من المحتمل أن يكون تلازم شيئين من الجزئيات المستقرأة (كتلازم تمدد الحديد ووجود الحرارة مثلًا) غير مرتبط بأي سب، وإنما هو وجود تلقائي، وإذا كان وجوده طرديًّا فليس من الضروري أن يتكرر.
2 - ولا يكفي إثبات مبدأ السببية العامة، وإنما ينبغي على الدليل الإستقرائي -بعد إثبات ذلك- أن يثبت أن سببًا بعينه هو الذي كان وراء هذه الظاهرة (مثل كون الحرارة وحدها السبب في تمدد الحديد)، لأن مجرد الإقتران لا يكفي دليلًا على كونه السبب الحقيقي أو الوحيد، بل يحتمل أن يكون وجوده قد صادف تأثير السبب الحقيقي.
3 - إثبات مبدأ التناسق والإطراد، الذي يقتضي بأن الكون يسير على نسق واحد لا يتغير، وأن ما حديث في الماضي بعلة من العلل سيتكرر في الحاضر والمستقبل على

الصفحة 217