كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

3 - المقاصد الجزئية: وهي الحِكَم والأسرار التي راعاها الشارع عند كلّ حكم من أحكامه المتعلقة بالجزئيات. (¬1)
ثانيًا - باعتبار آثارها في قوام أمر الأمة:
أي باعتبار أهميتها في قيام حياة الجماعة أو الأفراد واستقامتها، وتنقسم بهذا
الإعتبار إلى ثلاثة أقسام:
1 - مقاصد ضرورية: وهي "التي تكون الأمة بمجموعها وآحادها في ضرورة إلى تحصيلها"، (¬2) بحيث يختلّ نظام الحياة مع اختلالها، ويترتب على خرقها فساد عظيم في الدنيا والآخرة. والفساد في الدنيا ينتج عن خرق كلّيات حفظ النفوس، والعقول، والأموال، والأنساب، والفساد الأخروي ينتج عن خرق كلّية حفظ الدين؛ إذْ مع ما يترتب من فساد في الدنيا نتيجة خرق كلّية الدين إلّا أن أمور الحياة يمكن أن تستقيم إلى حَدِّ كبير من دون ذلك -كما هو الشأن في بلاد الغرب - أما ما يترتب على ذلك في الآخرة من كون مصير من ضيَّع الدين الجحيم فهو أعظم الخسران، ولا فرق بين أن يكون الخسران في الدنيا أو في الآخرة، إذ هما مرحلتان لحياة واحدة.
وقد فسَّر ابن عاشور اختلال نظام الحياة بانخرام الضروريات بأن "تصير أحوال الأمة شبيهة بأحوال الأنعام، بحيث لا تكون على الحالة التي أرادها الشارع منها". (¬3)
2 - مقاصد حاجية: "وهو ما تحتاج الأمة إليه لإقتناء مصالحها وانتظام أمورها على وجه حسن"، (¬4) فالحاجة إليه من حيث التوسعة على الناس ورفع الحرج عنهم. (¬5)
3 - مقاصد تحسينية: وهي ما يكون بها كمال الأمة في نظامها، فتبلغ بها مرتبة عالية من الرقي والتحضر, وحسن المعاملة والمظهر, فتكون أمة محترمة، التقربُ
¬__________
(¬1) انظر الفاسي، علال: مقاصد الشريعة الإِسلامية ومكارمها، (الدار البيضاء: مكتبة الوحدة العربية, د. ط، د. ت)، ص 3.
(¬2) محمد الطاهر بن عاشور: مقاصد الشريعة الإِسلامية، ص 210.
(¬3) محمد الطاهر بن عاشور: مقاصد الشريعة الإِسلامية، ص 210.
(¬4) المصدر السابق, ص 214.
(¬5) انظر الشاطبي: الموافقات، مج 1، ج 2، ص 326.

الصفحة 28