كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

5 - عدم القدرة على تسليم المحل:
اتفق جمهورالفقهاء على أن القدرة على قسليم المحل شرط في البيع، فلا يصح بيع ما لا يقدر على قسليمه كالبعير الشارد الذي لا يعلم مكانه (¬1)، وخالف الظاهرية الجمهور فلم يشترطوا القدرة على التسليم لصحة البيع. (¬2)
بعد بيان أهم صور الجهالة في محل العقد التي تكون عرضة للغرر الفاحش، يأتي استعراض أهمّ المعاملات التي أبطلها الشارع بسبب علّة أو أكثر من العلل الداخلة تحت مُسمَّى الغرر في محل العقد.
1 - النهي عن المزابنة (¬3) في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن مسألة عن بيع التمر بالرطب: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذاَ جَفَّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا إِذَنْ". (¬4) والعلة مما الجهل بمقدار أَحَد العوضين، وهو الرطب منهما المبيع باليابس. (¬5)
3 - النهي عن بيع الثنيا: فني حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عَن المُحَاقَلَةِ، (¬6) والمُزَابَنَةِ، (¬7) والمُخَابَرَةِ، (¬8) وعَنِ الثّنْيَا إِلّا أَنْ تعلَمَ". (¬9) والثنيا المراد بها الإستثناء في البيع، وذلك أن يبيع الرجل شيئاً ويستثني بعضَه، ويكون ذلك البعض
¬__________
(¬1) انظر الباجي: المنتقى، ج 5، ص 41؛ والشيرازي: المهذب، ج 1، 270؛ وابن قدامة: المغني، ج 4، ص 222.
(¬2) انظر ابن حزم: المحلى، ج 8، ص 388.
(¬3) اختلف الفقهاء في تفسير المزابنة وخلاصة ذلك أنها: بيع معلوم القدر بمجهول القدر من جنسه، أو بيع مجهول القدر بمجهول القدر من جنسه، كبيع الرطب على النخل بتمر مجذوذ عُلِم مقدار أحدهما أم لم يُعلم. انظر الشوكاني: نيل الأوطار، ج 6، ص 263، 289.
(¬4) رواه مالك بن أنس: الموطأ، كتاب البيوع، باب: "ما يكره من بيع الثمر"، ج 2، ص 429.
(¬5) انظر محمد الطاهر بن عاشور: مقاصد الشريعة الإِسلامية، ص 125.
(¬6) المحاقلة لغة: بيع الزرع في سنبله بالبُر. الرازي: مختار الصحاح، ص 62. واصطلاحاً هي: بيع الحب في سنبله بجنسه خرصاً. وقيل المحاقلة كراء الأرض. انظر الموسوعة الفقهية لوزارة الأوقاف الكويتية، ج 9، ص 138.
(¬7) المزابنة في اللغة مأخوذة من "الزبن" وهو الدفع. انظر الرازي: مختار الصحاح، ص 113. وفي الإصطلاح هي: بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر الجذوذ. انظر الموسوعة الفقهية لوزارة الأوقات الكويتية، ج 9، ص 139.
(¬8) المخابرة هي المزارعة ببعض الخراج من الأرض. انظر الرازي: مختار الصحاح، ص 71.
(¬9) رواه النسائي: سنن النسائي، كتاب البيوع، باب (74)، ج 7، ص 296.

الصفحة 305