كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

أرضين، فقالوا: نؤاجرها بالثلث والربع والنصف، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضُ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ ليَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ". (¬1)
2 - ما رواه مالك بن أنس في الموطأ عن رافع بن خديج - رضي الله عنه -: "أَنّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ". (¬2)
3 - ما رواه البخاري في صحيحه عن رافع بن خديج أنه قال: "دَعَانِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقَالَ: "مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ؟ " قُلْتُ: نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبْعِ وعَلَى الأَوْسُق مِن التَّمْرِ والشَّعِير قَالَ: "لَا تَفْعَلُوا، ازْرَعُوهَا، أَوْ أَزْرِعُوهَا، أَوْ أَمْسِكُوهَا". قال رافع: قلتُ سمعًا وطَاعةً". (¬3)
الآثار الدالة على الجواز:
فالأحاديث السابقة ظاهرة في النهي عن كراء الأرض، وفي الأمر بمنحها لمن يزرعها من غير مقابل، أو إمساكها. لكنها عارضت بعض الوقائع التاريخية الدالة على جواز كراء الأرض ومن ذلك:
1 - ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كُنْتُ أَعْلَمُ في عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنّ الأَرْضَ تُكْرَى. ثُمّ خَشِيَ عَبْدُ الله أَنْ يَكُونَ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَحْدَثَ فيِ ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُن يَعْلَمُه، فَتَرَكَ كِرَاءَ الأَرْضِ". (¬4)
2 - ما رواه البخاري عن نافع: "أَنّ ابنَ عُمر - رضي الله عنهما - كاَنَ يُكْرِي مَزَارِعَه عَلَى عَهْدِ النّبي - صلى الله عليه وسلم - وأَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمَانَ وصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيّة". ثم حُدِّثَ عن رافع بن خديج: "أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - نَهى عَنْ كِرَاءِ المزَارِعِ، فَذَهَبَ ابنُ عُمَر إِلى
¬__________
(¬1) صحيح البخاري، كتاب الهبة، باب (35)، الحديث (2632)، مج 2، ج 3، ص 200، وكتاب الحرث والمزارعة، باب (18)، الحديث (2340)، مج 2، ج 3، ص 101 - 102.
(¬2) مالك بن أنس: الموطأ، (استانبول: agri Yayinlari، د. ط، 1401 هـ/ 1981 م)، كتاب البيوع، باب (13)، ج 2، ص 625.
(¬3) صحيح البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب (18)، الحديث (2339)، مج 2، ج 3، ص 101.
(¬4) صحيح البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب (18)، الحديث (2345)، مج 2، ج 3، ص 102.

الصفحة 45