كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

النموذج الثالث
دلالة العام (¬1)
هل يمكن أن يُستفاد من ظاهر اللفظ الوارد بصيغة العموم أن الشارع قاصد إلى تعميم الحكم على كلّ فرد يشمله ذلك العام إلّا أن يدلّ دليل على صرفه عن عمومه أم لا؟
اختلفت كلمة الأصوليين في ذلك على ثلاثة مذاهب رئيسة، هي (¬2):
¬__________
(¬1) اللفظ العام هو: اللفظ الموضوع وضعًا واحدًا للدلالة عل جميع ما يصلح له من الأفراد على سبيل الشمول والإستغراق من غير حصر في كمية معينة أو عدد معين. انظر السرخسي: أصول السرخسي، ج 1، ص 125. وللعموم صيغ وضعية في اللغة أهمها ما يأتي:
1 - لفظ "كلّ"، ولفظ "جميع"، مثل قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)} [المدثر: 38]، وقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29]
2 - الجمع المعرف باللام الاستغراقية، مثل قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [المؤمنون: 1 - 2]
3 - الجمع المعرف بالإضافة، مثل قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11].
4 - المفرد المعرف بـ - "ال" التي تفيد الإستغراق، مثل قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38].
5 - أسماء الشرط، مثل قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185].
6 - الأسماء الموصولة، مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275].
7 - أسماء الإستفهام، مثل قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245].
8 - النكرة في سياق النفي، مثل قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84].
9 - النكرة الموصوفة بوصف عام، مثل قوله تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)} [البقرة: 263].
(¬2) انظر في تفصيلها مثلاً: الغزالي: المستصفى، ج 2، ص 22 - 23؛ الزركشي، بدر الدين محمد بن بهادر: البحر المحيط في أصول الفقه، تحرير عمر سليمان الأشقر، (الكويت: دار الصفوة، ط 1، 1409 هـ / 1988 م)، ج 3، ص 17 - 26؛ الجويني: البرهان، ج 1، ص 221 وما بعدها؛ الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، ج 2، ص 294 - 323.

الصفحة 71