كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

3 - ومنها ما أخرجه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ يَوْمَ الجمُعَةِ فَقَالَ: "فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ الله تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا". (¬1)
4 - وما أخرجه البخاري عَنْ أَنَس بْن مَالِكٍ - رضي الله عنه - قال: "خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ أَخْدُمُهُ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَاجِعًا وَبَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ"، ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا (¬2) كَتَحْرِيمِ إِبْرَاهِيمَ مَكَّةَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا". (¬3) فلولا ما ذكره الراوي من إشارته - صلى الله عليه وسلم - بيده إلى المدينة لتعذّر علينا معرفة على ماذا يعود ضمير الغائب في لفظ "لابتيها".
5 - ما أخرجه البخاري عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "الإِيمَانُ هَا هُنَا"، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَنِ "وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ (¬4) عِنْدَ أُصُولِ أَذنَابِ الإِبِلِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ". (¬5)
وقد يكتفي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإشارة في تفسير لفظ من الألفاظ، ومن ذلك ما رواه البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَيَظْهَرُ الجهْلُ وَالْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ" قِيلَ: يا رَسُولَ الله وَمَا الْهَرْجُ؟ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا كَأَنَّه يُرِيدُ الْقَتْلَ". (¬6)
¬__________
(¬1) المصدر السابق، كتاب الجمعة، باب (37)، مج 1، ج 1، ص 280، الحديث (935).
(¬2) لابتا المدينة: حرّتان تكتنفانها، والحَرَّة أرض ذات حجارة سود. انظر الرازي: مختار الصحاح، مادة "ح ر ر"، ص 79، ومادة "ل وب"، ص 277.
(¬3) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب (71)، مج 2، ج 3، ص 303 الحديث (2989).
(¬4) الفدادون: شديدو الصوت الذين تعلو أصواتهم في حُرُوثهم ومواشيهم. انظر الرازي: مختار الصحاح، مادة "ف د د"، ص 231.
(¬5) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب (76)، مج 3، ج 5، ص 144 (الحديث (4387).
(¬6) المصدر السابق، كتاب العلم، باب (25)، مج 1، ج 1، ص 36 الحديث (85).

الصفحة 89