كتاب طرق الكشف عن مقاصد الشارع

4 - أخرج البخاري عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ الله لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ. فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الحاجَةِ". (¬1)
وقد ورد خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ "أيها الناس" في أكثر من 398 حديثًا في الكتب التسعة فقط. (¬2)
أنواع القرائن الحالية من حيث اقترانها بالنص:
القرائن الحالية -بحكم كونها شيئًا زائدًا عن الخطاب- لا تكون متضمَّنة في الخطاب، بل تحتاج إلى نقل مستقل، أي إلى التعبير عنها بجمل مستقلة. وهذا النقل إما أن يكون مقارنا لنفس الخطاب، أو أن يكون غير مقارن.
1 - القرائن الحالية المقترنة بالخطاب:
وذلك بأن يذكر الراوي ضمن روايته بعض القرائن الحالية التي صاحبت الخطاب، والتي يراها مهمة في تحديد المقصود منه، ومن أمثلة ذلك:
أ - ما ورد في تفسير الهرج، فيما رواه البخاري عن أَبي هُرَيْرَة عَنِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ". قِيلَ: يا رَسُولَ الله وَمَا الْهَرْجُ؟ فَقَالَ: هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا كَأَنَّه يُرِيدُ الْقَتْلَ". (¬3) فعبارة "فقال هكذا بيده فحرفها كأنه يريد القتل" نقل من الراوي للقرينة الحالية التي صاحبت كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأبانت عن مقصوده بالهرج.
ب - ما ورد في حديث النهي عن شهادة الزور فيما رواه البخاري أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ " قُلْنَا: بَلَى يا رَسُولَ الله. قَالَ: "الإِشْرَاكُ بالله
¬__________
(¬1) صحيح البخاري حديث (90).
(¬2) هذا طبقا لعملية استقراء قام بها الباحث على قرص ليزر "الكتب التسعة" بالحاسوب.
(¬3) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب (25)، مج 1، ج 1، ص 36، الحديث (85).

الصفحة 99