كتاب التوكل

جوِّعو ابطونكم، وعطِّشوا أكبادكم، وأعْروا أجسادكم؛ لعل قلوبكم ترى الله -عَزَّ وَجَلَّ-" (¬1). وقال بعض الصحابة: أول بدعة حدثت بعد رسول الله الشبع؛ إن القوم لما شبعت بطونهم جنحت بهم شهواتهم (¬2). وعن عائشة: كان رسول الله وأصحابه يجوعون من غير عَوَزٍ (¬3). وقال ابن عمر: ما شبعتُ منذ قتل عثمان (¬4). وحديث أبي جحيفة (¬5) لما جشأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكفف عنا جشاءك، فإن أطولكم شبعًا في الدنيا أكثركم جوعًا في الآخرة" (¬6). وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشدُّ الحجر على بطنه من الجوع (¬7).
¬__________
(¬1) أورده: أبو نعيم في الحلية، وقال العراقي في تخريج الإحياء (3/ 45): لم أجده.
(¬2) رواه: ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع (رقم 22) عن عائشة. وأورده أبو نعيم في الحلية (3/ 86).
(¬3) ذكره: العراقي في تخريج الأحياء (3/ 43) وعزاه إلى البيهقي في الشعب، وأشار إلى ضعفه.
(¬4) روى نحوه: البيهقي في الشعب (5/ 38).
(¬5) وهب بن عبد الله السوائي، من صغار الصحابة، توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يبلغ الحلم، لكن سمع منه وروى عنه. (ت 72 هـ) - رضي الله عنه -. ترجمته في: الإستيعاب لإبن عبد البر (1/ 515) والإصابة في تمييز الصحابة لإبن حجر (6/ 626).
(¬6) أخرجه: ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع (رقم 4) رواه الحاكم (4/ 121) وصححه، وتعقبه الذهبي بقوله: فها، قال المديني: كذاب. وعمرُ، هالكٌ، ورواه: البيهقي في الشعب (رقم 5644). ورُوي نحوه من حديث ابن عمر عند الترمذي (رقم 3478) وابن ماجه (رقم 3350)، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 673): صحيح بمجموع طرقه.
وقوله: جشأ. التجشؤ: تنفُّس المعدة، وهو: الصوت الخارج من الفم بسبب الشبع.
(¬7) رُوي ذلك من حديث أبي بُجير، رواه البيهقي في الشعب (1461) والقضاعي في مسند الشهاب (870) وفي إسناده: معيد بن سنان الكندي، ضعفه غير واحد، وقال البخاري: منكر الحديث. انظر: ميزان الإعتدال للذهبي (2/ 143).

الصفحة 60