كتاب التوكل

ماء، قال: فلما أصبح وجدني لم أستعمله، فقال: صاحب حديث لا يكون له ورد بالليل! قلت: مسافرٌ. قال: وإن كنت مسافرًا؛ حج مسروقٌ فما نام إلا ساجدًا (¬1).
وقال موسى بن عيسى الموصلي (¬2): ركبني دينٌ، فأتيت بشرًا، فقلت: قد ركبني دينٌ. قال: عليك بجوف الليل. ومضيت إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل؟ فقلت: ركبني دينٌ. قال: عليك بالسَّحَرِ (¬3).
وأما الصمت فإنه يلقح العقل، ويعلم الورع، ويجلب التقوى.
وقد قال عقبة بن عامر: يا رسول الله، فيمَ النجاة؟ فقال: "املك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك" (¬4).
وأوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذًا بالصلاة والصيام وغير ذلك، ثم قال في آخر وصيته: "ألا أدلك على ما هو أملك بك من ذلك كله؟ هذا"، وأومأ بيده إلى لسانه. فقال: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما تتكلم به ألسنتنا؟ فقال: "ثكلتك أمك معاذ، وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم؟ إنك ما سكت فأنت سالمٌ، فإذا تكلمت فإنما هو لك أو عليك" (¬5).
¬__________
(¬1) رواه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (57/ 426) وأورده ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/ 217).
(¬2) ذكره: ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/ 333) وقال: نقل عن الإمام أحمد أشياء.
(¬3) لم أجده.
(¬4) أخرجه: أحمد (رقم 22289) والترمذي (رقم 2406) وقال: حديث حسن. وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت (رقم 2)، والبيهقي في الشعب (رقم 4930) وصححه الألباني، انظر: صحيح الجامع (رقم 1392).
(¬5) أخرجه: ابن المبارك في الزهد (رقم 134) وأحمد (5/ 259) والترمذي (2/ 65) وقال: حسن صحيح. وحسنه الألباني كما في السلسلة الصحيحة (2/ 581).

الصفحة 64