كتاب التوكل

أُقبض، ولا لَقَمتُ لقمةً فظننتُ أنِّي أُسيغها حتى أغصَّ فيها من الموت". ثم قال: "يا بني آدم، أن كنتم تعقلون فعدُّوا أنفسكم من الموتى، والذي نفسي بيده إن ما توعدون لآتٍ وما أنتم بمعجزين" (¬1).
ذكر أبو عبد الله، ابن بطة (¬2) في أماليه بإسناده عن أبي ذرٍّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا إن الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا ألا تكون لما في يديك أوثق منك لما في يدي الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أتت أصبتَ بها أرغبَ منك فيها لو أنها أُبقيت لك" (¬3).
وبإسناده (¬4) عن جعفر بن محمد (¬5) ..................................
¬__________
(¬1) أخرجه: أبو نعيم في الحلية (6/ 94) وقال: غريب من حديث عطاء وأبي بكر، تفرد به محمد بن حمير. وأخرجه البيهقي في الشعب (رقم 10564).
وقوله: "شفريَّ": طرفيّ الجفنين، وقوله: "لا أُسيغها": لا أبتلعها بسهولة. وقوله: "أغص بها": أشرق بها، فتتوقف في الحلق.
(¬2) عبيد الله بن محمد، العكبري، محدث، فقيه من كبار الحنابلة، قيل: لزم بيته أربعين سنةً، فصنف كتبًا تزيد على المائة؛ منها: الإبانة الكبر. ط، والتفرد والعزلة وغيرهما، قال الذهبي: كان صاحب حديث؛ لكنه ضعيف من قبل حفظه. (ت 387 هـ) -رَحِمَهُ اللهُ-. ترجمته في: طبقات الحنابلة (2/ 144) والعبر في خبر من غبر للذهبي (3/ 37).
(¬3) أخرجه: الترمذي (رقم 2340) وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، فيه عمرو بن واقد، منكر الحديث. وأخرجه ابن ماجه (رقم 4100) وضعفه ابن عدي في الكامل (6/ 208)، وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/ 179): الصحيح وقفه. وضعفه الألباني كما في ضعيف ابن ماجه (رقم 3194).
(¬4) يعني: بإسناد الإمام ابن بطة، في الأمالي التي ذكرها المؤلف آنفًا، ولم أعثر عليه، وخرجت ما يأتي من الأحاديث المنقولة عنه، من مصادر السنة المتوفرة.
(¬5) ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بالصادق، أحد الأئمة الأعلام، قال الإمام أبو حنيفة: ما رأيت أفقه من جعفر. (ت 148 هـ) -رَحِمَهُ اللهُ-. انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 166) وتقريب التهذيب لإبن حجر (رقم 950).

الصفحة 72