كتاب التوكل

وهو قولُ الحسنِ (¬1) ذكره الخلالُ عنه، ومطرفٍ (¬2) ذكره أبو طالب المكي.
إنما قال ذلك؛ لأنه إن زاد خوفه لم يؤمَن عليه القنوط من رحمة الله، وإن زاد رجاؤه لم يؤمَن عليه الإغراء بالمعاصي. وقد قال لقمان لابنه: "إن المؤمن له قلب كقلبين؛ يخاف بأحدهما، ويرجو بالآخر" (¬3).
قال بعضهم: مثل الخوف من الرجاء مثل اليوم من الليلة، لما لم ينفك أحدهما عن الآخر؛ جاز أن يُعبَّر عن المدة بأحدهما فيقال: ثلاثةُ أيامٍ، وثلاثُ ليالٍ. وهما وصفان للإيمان؟ كالطير بجناحين.
المروذي: سئل أبو عبد الله عن تفسير: "اعبد الله كأنك تراه". فقال: بقلبك (¬4).
إنما حمله على رؤية القلب؛ لأن رؤية العين تختص بالآخرة دون الدنيا، وبالقلب يجوز في الدنيا ويقع عليه اسم الرؤية، بدليل قول ابن عباس: رأى محمد ربه بقلبه (¬5). ورُوي: رأى رسول الله ربه بفؤاده مرتين (¬6).
الحسن بن علي بن الحسن (¬7): سألت أبا عبد الله عن الهمِّ؟ فقال: الهم همان؛
¬__________
(¬1) البصري، تقدمت ترجمته (ص 48).
(¬2) ابن الشخير، تقدمت ترجمته (ص 54).
(¬3) رواه: ابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن بالله (رقم 133).
(¬4) روي الحديث عن جماعة من الصحابة مرفوعًا؛ منها: ما أخرجه أحمد (رقم 6156) من حديث عبد الله بن عمرو، والطبراني في الكبير (رقم 374) والبيهقي في الشعب (رقم 10544) من حديث معاذ.
(¬5) أخرجه: البخاري (رقم 284).
(¬6) أخرجه: البخاري (رقم 285) من قول ابن عباس أيضًا.
(¬7) أبو علي الإسكافي، قال ابن أبي يعلى: نقل عن أحمد مسائل حسان أغرب فيها على أصحابه. انظر: طبقات الحنابلة (1/ 136).

الصفحة 81