كتاب الملل والنحل (اسم الجزء: 2)

ومن أصحاب الظاهر؛ مثل: داود الأصفهاني، وغيره: من لم يجوز القياس والاجتهاد في الأحكام؛ وقال: الأصول هي: الكتاب والسنة، والإجماع فقط؛ ومنع أن يكون القياس أصلاً من الأصول، وقال: إن أول من قاس إبليس، وظن أن القياس أمر خارج عن مضمون الكتاب والسنة. ولم يدر أنه: طلب حكم الشرع، من مناهج الشرع؛ ولم تنضبط قط شريعة من الشرائع إلا باقتران الاجتهاد بها؛ لأن من ضرورة الانتشار في العالم: الحكم بأن الاجتهاد معتبر. وقد رأينا الصحابة رضي الله عنهم: كيف اجتهدوا، وكم قاسوا؛ خصوصاً في مسائل المواريث: من توريث الإخوة مع الجد، وكيفية توريث الكلالة؛ وذلك مما لا يخفى على المتدبر لأحوالهم.
3- أصناف المجتهدين:
ثم المجتهدون من أئمة الأمة: محصورون في صنفين؛ لا يعدوان إلى ثالث
أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي:
أصحاب الحديث:
وهم أهل الحجاز؛ هم: أصحاب مالك بن أنس، وأصحاب محمد بن إدريس الشافعي، وأصحاب سفيان الثوري، وأصحاب أحمد بن حنبل، وأصحاب داود بن علي بن محمد الأصفهاني. وإنما سموا: أصحاب الحديث؛ لأن عنايتهم: بتحصيل الأحاديث، ونقل الأخبار، وبناء الأحكام على النصوص؛ ولا يرجعون إلى القياس الجلي والخفي ما وجدوا: خبراً، أو أثراً.
وقد قال الشافعي: إذا وجدتم لي مذهباً، ووجدتم خبراًعلى خلاف مذهبي؛ فاعلموا أن مذهبي: ذلك الخبر. ومن أصحابه: أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، والربيع بن سليمان الجيزي، وحرملة بن يحيى التجيبي، والربيع بن سليمان المرادي، وأبو يعقوب البويطي، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، ومحمد بن عبد الله

الصفحة 11