كتاب الملل والنحل (اسم الجزء: 2)

الأدوار الماضية، والغم والحزن، والضنك، والكلفة التي نجدها هي مرتبة على أعمال الفجور التي سبقت منا.
وكذلك كان في الأول. وكذا يكون في الآخر. والانصرام من كل وجه غير متصور من الحكيم.
وأما الحلول فهو التشخص الذي ذكرناه، وربما يكون ذلك بحلول ذاته، وربما يكون بحلول جزء من ذاته، على قدر استعداد مزاج الشخص.
وربما قالوا إنما تشخص بالهياكل السماوية كلها، وهو واحد، وإنما يظهر فعله في واحد واحد بقدر آثاره فيه، وتشخصه به.
فكأن الهياكل السبعة أعضاؤه السبعة. وكأن أعضاءنا السبعة هياكله السبعة فيها يظهر، فينطق بلساننا، ويبصر بأعيننا، ويسمع بآذاننا، ويقبض ويبسط بأيدينا، ويجيء ويذهب بأرجلنا، ويفعل بجوارحنا.
3- مزاعم الحرنانية:
وزعموا أن الله تعالى أجل من أن يخلق الشرور، والقبائح، والأقذار، والخنافس، والحيات، والعقارب. بل هي كلها واقعة ضرورة عن اتصالات الكواكب سعادة، ونحوسة، واجتماعات العناصر صفوة، وكدورة.. فما كان من سعد، وخير وصفو، فهو المقصود من الفطرة، فينسب إلى الباري تعالى. وما كان من نحوسة، وشر، وكدر، فهو الواقع ضرورة، فلا ينسب إليه، بل هي إما اتفاقيات، وضروريات، وإما مستندة إلى أصل الشرور، والاتصال المذموم.
والحرانية ينسبون مقالتهم إلى عاذيمون، وهرمس، وأعيانا، وأواذى أربعة من الأنبياء.

الصفحة 114