كتاب الملل والنحل (اسم الجزء: 2)

المسألة الخامسة:
في أن واجب الوجود حي بذاته باق بذاته، أي كامل في أن يكون بالفعل مدركا لكل شيء، نافذ الأمر في كل شيء.
وقال: إن الحياة التي عندنا يقترن بها من إدراك خسيس، وتحريك خسيس، وأما هناك فالمشار إليه بلفظ الحياة: هو كون العقل التام بالفعل الذي يتعقل من ذاته كل شيء، وهو باق الدهر أزلي، فهو حي بذاته، باق بذاته. عالم بذاته. وإنما ترجع جميع صفاته إلى ما ذكرنا، من غير تكثر، ولا تغير في ذاته.
المسألة السادسة: في أنه لا يصدر عن الواحد إلا واحد
قال: الصادر الأول هو العقل الفعال، لأن الحركات إذا كانت كثيرة، ولكل متحرك، فيجب أن يكون عدد المحركات بحسب عدد المتحركات، فلو كانت المحركات والمتحركات تنسب إليه لا على ترتيب أول وثان، بل جملة واحدة، لتكثرت جهات ذاته بالنسبة إلى محرك محرك، ومتحرك متحرك، فتتكثر ذاته. وقد أقمنا البرهان على أنه واحد من كل وجه، فلن يصدر عن الواحد من كل وجه إلا واحد وهو العقل الفعال. وله في ذاته وباعتبار ذاته إمكان الوجود، وباعتبار علته وجوب الوجود، فتتكثر ذاته لا من جهة علته، فيصدر عنه شيئان. ثم يزيد التكثر في الأسباب، فتتكثر المسببات، والكل ينسب إليه.

الصفحة 183