كتاب الملل والنحل (اسم الجزء: 2)

وقال: الغناء فضيلة في المنطق أشكلت على النفس وقصرت عن تبيين كنهها فأبرزتها لحونا، وأثارت بها شجونا، وأضمرت في عرضها فنونا وفتونا.
وقال: الغناء شئ يخص النفس دون الجسد فيشغلها عن مصالحها, كما أن لذة المأكول والمشروب شيء يخص الجسم دون النفس.
وقال: إن النفوس إلى اللحون إذا كانت محجبة أشد إصغاء منها إلى ما قد تبين لها، وظهر معناه عندها.
وقال: إن العقل نحوان: أحدهما مطبوع، والآخر مسموع، فالمطبوع منه كالأرض، والمسموع منه كالبذر والماء، فلا يخلص للعقل المطبوع عمل دون أن يرد عليه العقل المسموع، فينبهه من نومه، ويطلقه من وثاقه، ويقلقه من مكانه، كما يستخرج البذر والماء ما في قعر الأرض.
وقال: الحكمة غنى النفس، والمال غنى البدن، وطلب غنى النفس أولى، لأنها إذا غنيت بقيت، والبدن إذا غني فنى، وغنى النفس ممدود، وغنى البدن محدود.
وقال: ينبغي للعاقل أن يداري الزمن مداراة رجل لا يسبح في الماء الجاري إذا وقع.
وقال: لا يغبطن بسلطان من غير عدل، ولا بغنى من غير حسن تدبير، ولا ببلاغة من غير صدق منطق، ولا بجود في غير إصابة موضع، ولا بأدب من غير أصالة رأي، ولا بحسن عمل في غير حينه.

الصفحة 207