كتاب الملل والنحل (اسم الجزء: 2)

وزعموا أنه لما حورب خط على أصحابه خطاً بعود آس، وقال: أقيموا في هذا الخط، فليس ينالكم عدو بسلاح، فكان العدو يحملون عليهم، حتى إذا بلغوا الخط رجعوا عنهم، خوفاً من طلسم أو عزيمة ربما وضعها، ثم إن أبا عيسى خرج من الخط وحده على فرسه فقاتل، وقتل من المسلمين كثيراً، وذهب إلى أصحاب موسى بن عمران الذين هم وراء النهر المرمل ليسمعهم كلام الله. وقيل إنه لما حارب أصحاب المنصور بالري قتل وقتل أصحابه.
زعم أبو عيسى أنه نبي؛ وأنه رسول المسيح المنتظر. وزعم أن للمسيح خمسة من الرسل يأتون قبله واحداً بعد واحد. وزعم أن الله تعالى كلمه، وكلفه أن يخلص بني إسرائيل من أيدي الأمم العاصين والملوك الظالمين. وزعم أن المسيح أفضل ولد آدم، وأنه أعلى منزلة من الأنبياء الماضين، وإذ هو رسوله فهو أفضل الكل أيضاً. وكان يوجب تصديق المسيح؛ ويعظم دعوة الداعي، ويزعم أيضاً أن الداعي هو المسيح.
وحرم في كتابه الذبائح كلها، ونهى عن أكل كل ذي روح على الإطلاق طيرا كان، أو بهيمية. وأوجب عشر صلوات، وأمر أصحابه بإقامتها وذكر أوقاتها. وخالف اليهود في كثير من أحكام الشريعة الكثيرة المذكورة في التوراة.
وتوراة الناس هي التي جمعها ثلاثون حبراً لبعض ملوك الروم حتى لا يتصرف فيها كل جاهل بمواضع أحكامها، والله الموفق.
3- المقاربة واليوذعانية:
نسبوا إلى يوذعان من همدان. وقيل: كان اسمه يهوذا. كان يحث على الزهد، وتكثير الصلاة، وينهى عن اللحوم والأنبذة، وفيما نقل عنه تعظيم أمر الداعي. وكان يزعم أن للتوراة ظاهراً وباطناً، وتنزيلاً، وتأويلاً. وخالف بتأويلاته عامة اليهود،

الصفحة 21