كتاب الملل والنحل (اسم الجزء: 2)

وأنواعها دون أشخاصها الكائنة الفاسدة، فإن علمه يتعلق بالكليات دون الجزئيات كما ذكرنا.
ومما ينقل عنه في قدم العالم قوله: لن يتوهم حدوث العالم إلا بعد أن يتوهم أنه لم يكن، فأبدعه الباري تعالى في الحالة التي لم يكن. وفي الحالة التي لم يكن لا يخلو من حالات ثلاث:
1- إما أن الباري لم يكن قادرا فصار قادرا، وذلك محال لأنه قادر لم يزل.
2- وإما أنه لم يرد فأراد، وذلك محال أيضا، لأنه مريد، لم يزل.
3- وإما أنه لم تقتض الحكمة وجوده وذلك محال أيضا، لأن الوجود أشرف من العدم على الإطلاق.
فإذا بطلت هذه الجهات الثلاث تشابها في الصفة الخاصة؛ وهي القدم على أصل المتكلم. وكان القدم بالذات له دون غيره، وإن كانا معا في الوجود. والله الموفق.
7- رأي ثامسطيوس:
وهو الشارح لكلام الحكيم أرسطوطاليس، وإنما يعتمد شرحه إذ كان أهدى القوم إلى إشارته ورموزه، وهو على رأي أرسطوطاليس في جميع ما ذكرنا من إثبات العلة الأولى، واختار من المذاهب في المبادئ قول من قال: إن المبادئ ثلاثة: الصورة، والهيولي، والعدم، وفرق بين العدم المطلق والعدم الخاص، فإن عدم صورة بعينها عن مادة تقبلها مثل عدم السيفية عن الحديد ليس كعدم السيفية عن الصوف، فإن هذه المادة لا تقبل هذه الصورة أصلا.
وقال: إن الأفلاك حصلت من العناصر الأربعة لا أن العناصر حصلت من الأفلاك ففيها نارية، وهوائية، ومائية، وأرضية. إلا أن الغالب على الأفلاك هو النارية، كما أن

الصفحة 212