كتاب الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدى تلاميذه (اسم الجزء: 1)
ولو غَصبَها بعد العقد مَن لا يقدر المستأجر على تخليصها منه لم تنفسخ الإجارة وخير المستأجر بين فسخ العقد وإمضائه، ويمنع أهل الذمة من ابتداء إحداث كنيسة في دار الإسلام ولا يمنعون من استدامتها، ولو حلف لا يتزوج ولا يتطيب أو لا يتطهر فاستدام ذلك لم يحنث وإن ابتدأه حنث، وأضعاف أضعاف ذلك من الأحكام التي يفرق فيها بين الابتداء والدوام، فيحتاج في ابتدائها إلى ما لا يحتاج إليه في دوامها، وذلك لقوة الدوام وثبوته واستقرار حكمه، وأيضًا فهو مستصحب بالأصل، وأيضًا فالدافع أسهل من الرافع، وأيضًا فأحكام التبع يثبت فيها ما لا يثبت في المتبوعات، والمستدام تابع لأصله الثابت.
فلو لم يكن في المسألة نصّ لكان القياس يقتضي صحة ما ورد به النص، فكيف وقد توارد عليه النص والقياس! ؟
فقد تبين أنه لم يتعارض في هذه المسألة عام وخاص، ولا نص وقياس، بل النص فيها والقياس متفقان، والنص العام لا يتناول مورد الخاص ولا هو داخل تحت لفظه، ولو قدر صلاحية لفظه له فالخاص بيان لعدم إرادته، فلا يجوز تعطيل حكمه وإبطاله، بل يتعين إعماله وإعتباره، ولا تضرب أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضها ببعض، وهذه القاعدة أولى من القاعدة التي تتضمن إبطال إحدى السنتين وإلغاء أحد الدليلين، والله الموفق.
ثم نقول: الصورة التي أبطلتم فيها الصلاة -وهي حالة طلوع الشمس- وخالفتم السنة أولى بالصحة من الصورة التي وافقتم فيها السنة، فإنه إذا ابتدأ العصر قبل الغروب فقد ابتدأها في وقت نهي، وهو وقت