كتاب الانتصار لأهل الأثر = نقض المنطق - ط عالم الفوائد
وقال تعالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُون}.
وقال تعالى {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ} إلى قوله {قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}.
وهذا في القرآن في مواضعَ أُخَر يبيِّن فيها أن الرُّسل كلهم أمروا بالتوحيد بعبادة الله وحده لا شريك له ونهوا عن عبادة شيءٍ من المخلوقات سواه أو اتخاذه إلهًا ويخبرُ أن أهل السَّعادة هم أهلُ التوحيد وأن المشركين هم أهلُ الشَّقاوة وذكَر هذا عن عامَّة الرُّسل ويبيِّن أن الذين لم يؤمنوا بالرُّسل مشركون.
فعُلِم أن التوحيد والإيمان بالرُّسل متلازمان وكذلك الإيمان باليوم الآخر هو والإيمان بالرُّسل متلازمان فالثلاثة متلازمة ولهذا يجمع بينها في مثل قوله {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}.
ولهذا أخبر أن الذين لا يؤمنون بالآخرة مشركون فقال تعالى {وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ}.
وأخبر عن جميع الأشقياء أن الرسل أنذرتهم باليوم الآخر كما قال تعالى {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ • قَالُوا بَلَى} الآية فأخبر أن الرُّسل أنذرتهم وأنهم كذَّبوا بالرسالة.