كتاب الانتصار لأهل الأثر = نقض المنطق - ط عالم الفوائد

وقد ذكَر في هذه السورة سورة حم غافر مِن حال مخالفي الرُّسل من الملوك والعلماء مثل مَقُول الفلاسفة وعلمائهم ومجادلتهم واستكبارهم ما فيه عبرة مثل قوله {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} ومثل قوله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ • الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ • إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ • فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} إلى قوله {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} وختم السورة بقوله تعالى {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}.
وكذلك ذكَر في سورة الأنعام والأعراف وعامة السُّور المكية وطائفةٍ من السُّور المدنية فإنها تشتملُ على خطاب هؤلاء وضربِ الأمثال والمقاييس لهم وذِكْرِ قصصهم وقصص الأنبياء وأتباعهم معهم.
وقال سبحانه {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} فأخبرَ بما مُكِّنوا فيه من أصناف الإدراكات والحركات وأخبرَ أن ذلك لم يُغْنِ عنهم حيثُ جحدوا بآيات الله وهي الرسالةُ التي بعث بها رسله.
ولهذا حدَّثني ابنُ الشيخ الحَصِيري عن والده الشيخ الحَصِيري شيخ

الصفحة 301