كتاب الانتصار لأهل الأثر = نقض المنطق - ط عالم الفوائد

ولهذا كان الذكرُ متعلقًا بالله لأنه سبحانه الحقُّ المعلوم وكان التفكُّر في مخلوقاته كما قال تعالى {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وقد جاء الأثر «تفكَّروا في المخلوق ولا تفكَّروا في الخالق» 1 لأن التفكيرَ والتقديرَ يكونُ في الأمثال المضروبة والمقاييس وذلك يكونُ في الأمور المتشابهة وهي المخلوقات وأما الخالق جلَّ جلالُه سبحانه وتعالى فليس له شبيهٌ ولا نظير فالتفكُّر الذي مبناه على القياس ممتنعٌ في حقِّه وإنما هو معلومٌ بالفطرة فيَذْكُره العبد.
وبالذكر وبما أخبر به عن نفسه يَحْصُل للعبد من العلم به أمورٌ عظيمة لا تُنال بمجرَّد التفكير والتقدير أعني من العلم به نفسَه فإنه الذي لا تفكير فيه فأما العلمُ بمعاني ما أخبرَ به ونحو ذلك فيدخلُ فيها التفكير والتقدير كما جاء به الكتاب والسُّنة.

الصفحة 59