كتاب فوائد تمام (اسم الجزء: 2)

1198 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ الْوَرَّاقُ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سُرَيْجٍ الْقَافْلَانِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو شُعَيْبٍ الْمُؤَدِّبُ، ثنا عِيسَى بْنُ شُعَيْبٍ النَّحْوِيُّ، ثنا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوَفِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كَانَ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَمَنْ يُتَعْتِعُ فِيهِ كَانَ لَهُ أَجْرَانِ»
1199 - حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ أَحْمَدَ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ هِشَامٍ الدِّينَوَرِيُّ الْوَرَّاقُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ الْمَوْصِلِيَّ، مُذَاكَرَةً، ثنا سَهْلُ بْنُ صَالِحٍ الْأَنْطَاكِيُّ، ثنا عَامِرُ بْنُ سَيَّارٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ §إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ»
1200 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي عِقَالٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي دَارِهِ بِحَجَرِ الذَّهَبِ، أَنْبَأَ أَبِي أَبُو زَيْدٍ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي عِقَالٍ، وَاسْمُ أَبِي عِقَالٍ هِلَالُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نُعْمَانِ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ كَلْبٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، وَكَانَ صَغِيرًا فَلَمْ يَعِ عَنْهُ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَمِّي زَيْدُ بْنُ أَبِي عِقَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ آبَاءَهَ حَدَّثُوهُ أَنَّ حَارِثَةَ §تَزَوَّجَ إِلَى طَيِّئٍ بِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي نَبْهَانَ، فَأَوْلَدَهَا جَبَلَةَ وَأُسَامَةَ وَزَيْدًا، وَتُوُفِّيَتْ أُمُّهُمْ، وَبَقُوا فِي حِجْرِ جَدِّهِمْ لِأُمِّهِمْ، وَأَرَادَ حَارِثَةُ حَمْلَهُمْ، فَأَتَى جَدُّهُمْ لِأُمِّهِمْ، فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا -[83]- خَيْرٌ لَهُمْ، فَتَرَاضَوْا إِلَى أَنْ حَمَلَ جَبَلَةَ وَأُسَامَةَ وَخَلَّفَ زَيْدًا، فَجَاءَتْ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ مِنْ فَزَارَةَ، فَأَغَارَتْ عَلَى طَيِّئٍ، فَسَبَتْ زَيْدًا، فَصَارُوا بِهِ إِلَى عُكَاظٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُبْعَثَ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ: «يَا خَدِيجَةُ، رَأَيْتُ فِيَ السُّوقِ غُلَامًا مِنْ صِفَتِهِ كَيْتَ وَكَيْتَ، يَصِفُ عَقْلًا وَأَدَبًا وَجَمَالًا، وَلَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَاشْتَرَيْتُهُ» فَأَمَرَتْ خَدِيجَةُ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْ مَالِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا خَدِيجَةُ، هَبِي لِي هَذَا الْغُلَامَ بِطِيبِةٍ مِنْ نَفْسِكِ» فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي أَرَى غُلَامًا وَضِيئًا، وَأُحِبُّ أَنْ أَتَبَنَّاهُ وَأَخَافُ أَنْ تَبِيعَهُ أَوْ أَنْ تَهِبَهَ" فَقَالَ: «يَا مُوَفَّقَةُ، مَا أَرَدْتُ إِلَّا أَنْ أَتَبَنَّاهَ» فَقَالَتْ: بِهِ فُدِيتَ يَا مُحَمَّدُ، فَرَبَّاهُ وَتَبَنَّاهُ إِلَى أَنْ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ، فَنَظَرَ إِلَى زَيْدٍ فَعَرَفَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ؟ قَالَ: لَا، أَنَا زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، إِنَّ أَبَاكَ وَعُمُومَتَكَ وَإِخْوَتَكَ قَدْ أَتْعَبُوا الْأَبْدَانَ، وَأَنْفَقُوا الْأَمْوَالَ فِي سَبْيِكِ، فَقَالَ:
[البحر الطويل]
أَلِكْنِي إِلَى قَوْمِي وَإِنْ كُنْتُ نَائِيًا ... وَإِنِّي قَطِينُ الْبَيْتِ عِنْدَ الْمَشَاعِرِ
فَكُفُّوا مِنَ الْوَجْدِ الَّذِي قَدْ شَجَاكُمُ ... وَلَا تَعْمَلُوا فِي الْأَرْضِ نَصَّ الْأَبَاعِرِ
فَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ فِي خَيْرِ أُسْرَةٍ ... خِيَارِ مَعْدٍ كَابِرٍ بَعْدِ كَابِرٍ
فَمَضَى الرَّجُلُ فَخَبَّرَ حَارِثَةَ، وَلِحَارِثَةَ فِيهِ أَشْعَارٌ بَعْضُهَا:
[البحر الطويل]
بَكَيْتُ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ أَدْرِ مَا فَعَلْ ... أَحَيُّ يُرَجَّى أَمْ أَتَى دُونَهُ الْأَجَلْ
وَواللَّهِ لَا أَدْرِي وَإِنِّي لَسَائِلُ ... أَغَالَكَ سَهْلُ الْأَرْضِ أَمْ غَالَكَ الْجَبَلْ
-[84]-
وَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لَكَ الدَّهْرَ رَجْعَةٌ ... فَحَسْبِي مِنَ الدُّنْيَا رُجُوعُكَ فِي بَجَلْ
تُذَكِّرُنِيهِ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا ... وَتَعْرِضُ ذِكْرَاهُ إِذَا عَسْعَسَ الطِّفِلْ
وَإِنْ هَبَّتِ الْأَرْوَاحُ هَيَّجْنَ ذِكْرَهُ ... فَيَا طُولَ أَحْزَانِي عَلَيْهِ، وَيَا وَجَلْ
فَسَأَعْمَلُ نَصَّ الْعَيْشِ فِي الْأَرْضِ جَاهِدًا ... وَلَا أَسْأَمُ التَّطْوَافَ، أَوْ يَسْأَمُ الْإِبِلْ
حَيَاتِي أَوْ تَأْتِي عَلَيَّ مَنِيَّتِي ... وَكُلُّ امْرِئٍ فَانٍ وَإِنْ غَرَّهُ الْأَمَلْ
ثُمَّ إِنَّ حَارِثَةَ أَقْبَلَ إِلَى مَكَّةَ فِي إِخْوَتِهِ وَوَلَدِهِ وَبَعْضِ عَشِيرَتِهِ، فَأَصَابَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَزَيْدًا فِيهِمْ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى زَيْدٍ عَرَفُوهُ وَعَرَفَهُمْ، فَقَالُوا لَهُ: يَا زَيْدُ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِجْلَالًا مِنْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتِظَارًا مِنْهُ لِرَأْيِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ يَا زَيْدُ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَبِي، وَهَذَانِ عَمَّايَ، وَهَذَا أَخِي وَهَؤُلَاءِ عَشِيرَتِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ يَا زَيْدُ» فَقَامَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا: امْضِ مَعَنَا يَا زَيْدُ، قَالَ: مَا أُرِيدُ بِرَسُولِ اللَّهِ بَدَلًا، فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا مُعْطُوكَ بِهَذَا الْغُلَامِ دِيَاتٍ، فَسَمِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّا حَامِلُوهَا إِلَيْكَ، قَالَ: «أَسْأَلُكُمْ أَنْ تَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِنِّي خَاتَمُ أَنْبَيَائِهِ وَرُسُلِهِ» فَأَبَوْا وَتَلَكَّأُوا وَتَلَجْلَجُوا وَقَالُوا: تَقْبَلُ مَا عَرَضْنَا عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ لَهُمْ: «هَهُنَا خَصْلَةٌ غَيْرُ هَذِهِ، قَدْ جَعَلْتُ أَمْرَهُ إِلَيْهِ، إِنْ شَاءَ فَلْيَقُمْ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَرْحَلْ» قَالُوا: قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ صَارُوا مِنْ زَيْدٍ إِلَى حَاجَتِهِمْ، قَالُوا: يَا زَيْدُ، قَدْ أَذِنَ لَكَ مُحَمَّدٌ، فَانْطَلِقْ مَعَنَا، قَالَ: هَيْهَاتَ -[85]- هَيْهَاتَ مَا أُرِيدُ بِرَسُولِ اللَّهِ بَدَلًا، وَلَا أُوثِرُ عَلَيْهِ وَالِدًا وَلَا وَلَدًا، فَأَذَارُوهُ وَأَلَاصُوهُ وَاسْتَعْطَفُوهُ، وَذَكَرُوا وَجْدَ مَنْ وَرَاءَهُمْ، فَأَبَى، وَحَلَفَ أَنْ لَا يَصْحَبَهُمْ، فَقَالَ حَارِثَةُ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي مُؤْتِكَ بِنَفْسِي، فَآمَنَ حَارِثَةُ، وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَرَجَعُوا إِلَى الْبَرِّيَّةِ، ثُمَّ إِنَّ أَخَاهُ جَبَلَةَ رَجَعَ فَآمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ لِزَيْدٍ، وَأَوَّلُ شَهِيدٍ كَانَ بِمُؤْتَةَ زَيْدٌ وَثَانِيهِ جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ وَآخِرُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ بِيَدِهِ لِأُسَامَةَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ النَّاسِ فِيهِمْ عُمَرُ فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «عَلَيْكَ بِيُبْنَا فَصَبِّحْهَا صَبَاحًا، فَقَطِّعْ وَحَرِّقْ وَضَعْ سَيْفَكَ، وَخُذْ بِثَأْرِ أَبِيكَ» وَاعْتَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «جَهِّزُوا جَيْشَ أُسَامَةَ، أَنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ» فَجُهِّزَ إِلَى أَنْ صَارَ إِلَى الْجُرُفِ، وَاشْتَدَّتْ عِلَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ إِلَى أُسَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُكَ، فَرَجَعَ فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى أُسَامَةَ، فَأَقْبَلَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ يُفْرِغُهَا عَلَيْهِ، قَالُوا: فَعَرَفْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا يَدْعُو لَهُ، ثُمَّ قُبِضَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ فِيمَنْ غَسَّلَهُ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةُ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَلَمَّا دُفِنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: مَا تَرَى فِي لِوَاءِ أُسَامَةَ؟ قَالَ: مَا أَحُلُّ عَقْدًا عَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُحَلُّ مِنْ عَسْكَرِهِ رَجُلٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَنْتَ، وَلَوْلَا حَاجَتِي إِلَى مَشُورَتِكَ لَمَا حَلَلْتُكَ مِنْ عَسْكَرِهِ، يَا أُسَامَةُ، عَلَيْكَ بِالْمِيَاهِ، يَعْنِي الْبَوَادِيَ، وَكَانَ يَمُرُّ بِالْبَوَادِي فَيَنْظُرُوا إِلَى جَيْشِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَثْبُتُوا عَلَى أَدْيَانِهِمْ إِلَى أَنْ صَارَ إِلَى عَشِيرَتِهِ كَلْبٍ، فَكَانَتْ تَحْتَ لِوَائِهِ إِلَى أَنْ قَدِمَ الشَّامَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: اخْتَرْ لَكَ مَنْزِلًا، فَاخْتَارَ الْمِزَّةَ، وَاقْتَطَعَ فِيهَا هُوَ وَعَشِيرَتُهُ، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ: وَهُوَ أَعْوَرُ كَلْبٍ:
[البحر الطويل]
إِذَا ذُكِرَتْ أَرْضٌ لِقَوْمٍ بِنِعْمَةٍ ... فَبَلْدَةُ قَوْمِي تَزْدَهِي، وَتَطِيبُ
بِهَا الدِّينُ وَالْإِفْضَالُ وَالْخَيْرُ وَالنَّدَى ... فَمَنْ يَنْتَجِعْهَا لِلرَّشَادِ يُصِيبُ
-[86]-
وَمَنْ يَنْتَجِعْ أَرْضًا سِوَاهَا فَإِنَّهُ ... سَيَنْدَمُ يَوْمًا بَعْدَهَا وَيَخِيبُ
تَأَتَّى لَهَا خَالِي أُسَامَةُ مَنْزِلًا ... وَكَانَ لَخَيْرِ الْعَالَمِينَ حَبِيبُ
حَبِيبُ رَسُولِ اللَّهِ وَابْنُ رَدِيفِهِ ... لَهُ أُلْفَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَنَصِيبُ
فَأَسْكَنَهَا كَلْبًا فَأَضْحَتْ بِبَلْدَةٍ ... لَهَا مَنْزِلٌ رَحْبُ الْجَنَابِ خَصِيبُ
فَنِصْفٌ عَلَى بَرٍّ وَشَيْخٍ وَنُزْهَةٍ ... وَنِصْفٌ عَلَى بَحْرٍ أَغَرَّ رَطِيبُ،
ثُمَّ إِنَّ أُسَامَةَ خَرَجَ إِلَى وَادِي الْقُرَى إِلَى ضَيْعَةٍ لَهُ، فَتُوُفِّيَ بِهَا، وَخَلَفَ فِي الْمِزَّةِ ابْنَةً لَهُ، يُقَالُ لَهَا: فَاطِمَةُ فَلَمْ تَزَلْ مُقِيمَةً إِلَى أَنْ وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَجَاءَتْ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَقَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَأَقْعَدَهَا فِيهِ، وَقَالَ لَهَا: حَوَائِجُكِ يَا فَاطِمَةُ؟ قَالَتْ: تَحْمِلُنِي إِلَى أَخِي، فَجَهَّزَهَا وَحَمَلَهَا

1201 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ بْنُ رَاشِدٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَا: ثنا أَبُو زَيْدٍ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي عِقَالٍ فِي دَارِهِ بِحَجَرِ الذَّهَبِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي حَدِيثِهِ، وَخَلَفَتْ قَوْمَهَا مِنْ بَنِي الشَّجْبِ فِي ضَيْعَتِهَا إِلَى أَنْ قَدِمَ الْحَسَنُ بْنُ أُسَامَةَ فَبَاعَهَا

الصفحة 82