كتاب توجيه اللمع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
= ثانٍ, ومنطلق خبر المبتدأ الثاني, والمبتدأ الثاني وخبره جميعًا في موضع رفع لوقوعهما موقع خبر المبتدأ الأول كما كان قولك: قام أخوه في المسألة الأولى. ولابد للجملة الاسمية من العائد كما لابد للجملة الفعلية منه, فلا يجوز أن تقول: زيد قام عمرو, ولا زيد عبد الله ذاهب, لخلوهما من العائد إلى المبتدأ, فإن جئت بعائد بعد الجملتين صحت المسألتان كقولك: زيد قام عمرو في داره, وزيد عبد الله ذاهب إليه. ولا يشترط أن يكون العائد أحد جزئي الجملة, بل يجوز أن يكون أحد جزئيها وأن يكون فضلة, فالذي هو أحد جزئيها كقولك: زيد هو أبوك, والفضلة كقولك: زيد ضربته, وزيد مررت به, ورأيت من ينكر على ابن جني قوله: (ولولا هي) ما علم الجاهل بكلام العرب, إن هذا هو الجيد الموافق لمقايستها, لأن «لولا» يقع بعدها المظهر مبتدأ كقوله: لولا علي لهلك عمرو فإذا وقع المضمر بعدها وجب أن يكون منفصلًا كقوله / تعالى: {لولا أنتم لكنا مؤمنين} وأما قولهم: السمن منوان بدرهم والبر الكر بستين: فأنما أورده على أن الجملة لا تخلو من العائد, وهاتان جملتان قد خلتا منه, وذلك لأن السمن والبر مبتدآن, ومنوان والكر مبتدآن آخران وبدرهم وبستين خبرًا المبتدأين الثانيين, ولم يعد ضمير إلى السمن والبر, والتقدير في المسألتين: منوان منه بدرهم, والكر منه بستين, ولابد من تقدير هذا ليعود الضمير إلى المبتدأ, ومسوغ الحذف: أن قولك: منوان بدرهم والكر بستين تسعير, ولابد للتسعير من مسعر ينصرف إليه ويحمل عليه, وإلا فذكره كلا ذكر.
ألا ترى أنك لو قلت: ذراعان بدينار ورطلان بدرهم, ولم يجر ذكر مسعر لم تكن في الكلام فائدة؟ أنشد الجوهري رحمه الله للأخطل:
23 - الخبر كالعنبر الهندي عندهم ... والقمح سبعون إردبًا بدينار

الصفحة 110