كتاب توجيه اللمع

قال ابن جني: واعلم أن المبتدأ قد يحذف تارة, ويحذف الخبر أخرى, وذلك إذا كان في الكلام / دليل على المحذوف, فإذا قال لك القائل: من عندك؟ 9/أقلت: زيد, أي: عندي زيد, فحذفت عندي وهو الخبر. وإذا قال لك: كيف أنت؟ قلت: صالح, أي: أنا صالح, فحذفت «أنا» وهو المبتدأ. قال الله سبحانه جل من قائل: {طاعة وقول معروف} أي: طاعة وقول معروف أمثل من غيرهما, وإن شئت كان التقدير: أمرنا طاعة وقول معروف, قال الشاعر:
فقالت: على اسم الله أمرك طاعة ... وإن كنت قد كلفت ما لم أعود
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن الخباز: وحذف / المبتدأ على ثلاثة أقسام: ممتنع: وهو ما ليس في 25/أالكلام دليل عليه فلا تقول: ذاهب, وأنت تريد عمرو, لأنه لا دليل عليه. وواجب: وهو في قولهم: «لا سواء» وتأويله عندهم: هذان لا سواء, والتعويل في ذلك على الاستعمال. وجائز: وهو أن يجري له ذكر فيجوز حذفه كقولك: «صالح» لمن قال: كيف أنت؟ لأن جري ذكره في السؤال مغن عن جرى ذكره في الجواب, ولو قلت: أنا صالح لكان إثباته توكيدًا.
وحذف الخبر ثلاثة أقسام: ممتنع: وهو ما لا دليل عليه كقولك: زيد وأنت تريد: ذاهب, وواجبك وذلك مع الظرفين وحرف الجرز قال أبو علي الفارسي: «إظهار العامل في الظرف شريعة منسوخة» وجائز: وهو ما في الكلام دليل عليه كقولك: زيد, لمن قال: من عندك؟ ولو قلتك زيد عندي لكان توكيدًا. وأما قوله تعالى: {طاعة وقول معروف} فمحمول على حذف الخبر وحذف المبتدأ, فإن حذفت الخبر كان التقدير: طاعة وقول معروف أمثل من غيرهما, وأمثل بمعنى أجود وأصلح, قال امرؤ القيس:
29 - ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل

الصفحة 118