كتاب توجيه اللمع
والمبني) فقال: وعيب عليه تقديم هذا الباب على باب الإعراب والبناء, لأن المعرب والمبني مشتقان منهما, ومعرفة المشتق منه متقدمة على معرفة المشتق.
أما في الناحية العلمية فقد اختلف معه في مواضع كثيرة, منها ما يأتي:
قال ابن جني (باب الكلمة والكلام) مبينًا علامات الحرف: والحرف ما لم يحسن فيه علامات الأسماء ولا علامات الأفعال.
وقال ابن الخباز معقبًا على ذلك: وقوله: (ما لم يحسن فيه إلخ) فيه نظر من وجهين: أحدهما: أنه جعل حقيقة الحرف سلبًا, والسلب لا يكون حقيقة. والثاني: أن من علامات الأسماء والأفعال الحروف فصار التقدير: والحروف ما لم يحسن فيه الحرف, فيلزم من هذا أن يكون الشيء معروفًا قبل معرفته.
قال ابن جني في (الباب السابق, عند حديثه عن علامات الفعل) وكونه أمرًا, وقال ابن الخباز معلقًا عليه: وقوله (وكونه أمرًا) لا يستقيم, لأن «مه» أمر وليس بفعل, وينبغي له أن يقول: وكونه أمرًا مشتقًا جاريًا على المضارع.
قال ابن جني مبينًا حد الاسم المتمكن: ما تغير آخره لتغير العوامل فيه ولم يشابه الحرف.
وقال ابن الخباز معلقًا عليه: «وقوله: ولم يشابه الحرف غير محتاج إليه في حد المتمكن, لأنه متى ثبت له تغير آخره لتغير العوامل لزم من ذلك عدم مشابهة الحرف».
قال ابن جني (باب الإعراب والبناء) والفرق بينهما زوال الإعراب لتغير العامل وانتقاله, ولزوم البناء الحادث من غير عامل وثباته وقد عقب على ذلك ابن الخباز بقوله: وقوله (الحادث) في صفة البناء فيه نظر, لأنه إن أراد به بناء الأفعال والحروف فهو أصلي, وإن أراد به بناء الأسماء فلا معنى للفرق بين الإعراب وبعض البناء.
وهكذا يقف ابن الخباز من ابن جني موقف الناقد البصير الخبير بأساليب العربية, وما تدل عليه من معان, فيقدر كل كلمة قدرها بحسه المرهف وذوقه السليم.
***
الصفحة 54
664