كتاب شرح كلمة الإخلاص لابن رجب
Wيَا قَومُ قُلُوبُكُم عَلَى أَصلِ الطَّهَارَةِ، وَإِنَّمَا أَصَابَهَا رَشَاشٌ مِن نَجَاسَةِ الذُّنُوبِ، فَرُشُّوا عَلَيهَا قَلِيلاً مِن دَمعِ العُيُونِ وَقَد طَهُرَت.
اِعزِمُوا عَلَى فِطَامِ النُّفُوسِ عَن رَضَاعِ الهَوَى، فَـ «الحِميَةُ رَأسُ الدَّوَاءِ» (¬1).
مَتَى طَالَبَتكُم بِمَألُوفَاتِهَا، فَقُولُوا لَهَا كَمَا قَالَت تِلكَ المَرأَةُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي دَمِيَ وَجهُهُ: قَد أَذهَبُ اللَّهُ بِالشِّركِ وَجَاءَ بِالإِسلامِ (¬2).
وَالإِسلامُ يَقتَضِي الاستِسلامَ وَالانقِيَادَ لِلطَّاعَةِ.
ذَكِّرُوهَا مِدْحَة {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} [سورة فصلت:30] لَعَلَّهَا تَحِنُّ إِلى الاستِقَامَةِ، عَرِّفُوهَا اطِّلاعَ مَن هُوَ أَقرَبُ مِن حَبلِ الوَرِيدِ لَعَلَّهَا تَستَحِي مِن قُربِهِ وَنَظَرِهِ، {ألم يعلم بأن الله يرى} [القلم:14] {إن ربك لبالمرصاد} [الفجر:14].
رَاوَدَ رَجُلٌ اِمرَأَةً فِي فَلاةٍ لَيلاً فَأَبَت، فَقَالَ لَهَا: مَا يَرَانَا إِلاَّ الكَوَاكِبُ، قَالَت: فَأَينَ مُكَوكِبُهَا؟ (¬3).
أَكرَهَ رَجُلٌ امرَأَةً عَلَى نَفسِهَا، وَأَمَرَهَا بِغَلقِ الأَبوَابِ، فَفَعَلَت،
¬__________
(¬1) هذه الجملة يرويها بعضُهم حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصل لها من كلامِه عليه الصلاة والسلام، قال ابن القيم في «زاد المعاد» (4/ 94): (وأما الحديثُ الدائرُ على ألسنةِ كثيرٍ من الناس: «الحِميةُ رأسُ الدواءِ، والمَعِدَةُ بيتُ الداءِ، وعوِّدُوا كلَّ جِسْمٍ مَا اعتَادَ» فهذا الحديث إنما هو من كلامِ الحارثِ ابنِ كَلَدَةَ؛ طبيبِ العَرَب، ولا يصحُّ رفعُه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قاله غيرُ واحد من أئمة الحديث).
(¬2) تَقَدَّم تخريجُه قريباً.
(¬3) أوردها الخرائطي في «اعتلال القلوب» (رقم 83)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (رقم 852).
الصفحة 120
167