كتاب شرح كلمة الإخلاص لابن رجب
Qبهذا الموضوع ختم المؤلف -رحمه الله- رسالته هذه، فذكر جملة من فضائل هذه الكلمة العظيمة «لا إله إلا الله»، أو إن شئت قل: فضائل التوحيد، والمعنى واحد؛ فإنَّ التوحيدَ هو معنى «لا إله إلا الله»، و «لا إله إلا الله» معناها التوحيد، ولهذا في رواية الأحاديث تارة يُعَبَّر عن هذه الكلمة بـ «التوحيد»، وتارة تُذكر بلفظها «لا إله إلا الله».
ولا ريب أنَّ كلمةَ التوحيدِ هذه كلمةٌ عظيمةٌ؛ لأنَّها مشتملةٌ على أمرٍ عظيمٍ؛ فهي الشهادةُ التي شهد الله بها لنفسِه، وشَهِدَت له بها ملائكتُه وأولو العلم، كما قال تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} [آل عمران:18].
وهي الكلمة التي قال الله فيها: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ سواء بيننا وبينكم} فـ «الكلمة» هنا هي: كلمة التوحيد، وقد بيَّنَها الله بعد ذلك بقوله: {ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله} [آل عمران:64]، وكذلك في قول إبراهيم عليه السلام لقومه: {إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمةً باقيةً في عَقِبِهِ} [الزخرف:26 - 28]، وهي كلمة التوحيد.
وكلمة التوحيد هذه «لا إله إلا الله» قد جاءت في القرآن بعدة أساليب تعبِّر عنها:
- فتارة تُذكَرُ بلفظها، كما في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} [الصافات:35]، و {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد:19]، و {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ...} [البقرة:255]، و {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر:22 - 23]، و {وَذَا النُّونِ إِذ
الصفحة 128
167