كتاب شرح كلمة الإخلاص لابن رجب

Wوَهِيَ نَجَاةٌ مِن النَّارِ، وَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّناً يَقُولُ: أَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَقَالَ: «خَرَجَ مِن النَّارِ» خَرَّجَهُ مُسلِمٌ (¬1).
وَهِيَ تُوجِبُ المَغفِرَةَ، وفي «المُسنَدِ» عَن شَدَّادِ بنِ أَوسٍ وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَصحَابِهِ يَوماً: «اِرفَعُوا أَيدِيَكُم, وَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ»، فَرَفَعنَا أَيدِيَنَا سَاعَةً، ثُمَّ َوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ, ثُمَّ قَالَ: «الحَمدُ لِلَّهِ، اللَّهُمَّ بَعَثتَنِي بِهَذِهِ الكَلِمَةِ، وَأَمَرتَنِي بِهَا، وَوَعَدتَنِي الجَنَّةَ عَلَيهَا، وَإِنَّكَ لا تُخلِفُ المِيعَادَ، ثُمَّ قَالَ: أَبشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَد غَفَرَ لَكُم» (¬2).
وَهِيَ أَحسَنُ الحَسَنَاتِ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمنِي عَمَلاً يُقَرِّبُنِي مِنَ الجَنَّةِ، وَيُبَاعِدُنِي مِن النَّارِ، قَالَ: «إِذَا عَمِلتَ سَيِّئَةً فَاعمَل حَسَنَةً، فَإِنَّهَا عَشرُ أَمثَالِهَا»، قُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِنَ الحَسَنَاتِ؟ قَالَ: «هِيَ أَحسَنُ الحَسَنَاتِ» (¬3).
وَهِيَ تَمحُو الذُّنُوبَ وَالخَطَايَا (¬4)، وَفي «سُنَنِ
¬__________
(¬1) (رقم 382).
(¬2) أخرجه أحمد في «المسند» (رقم 17121)، والبزار في «مسنده» (2717 و 3483)، والحاكم في «المستدرك» (1/ 501)، وإسناده جَيِّدٌ.
(¬3) أخرجه الإمام أحمد في «المسند» (رقم 21487)، وابن أبي شيبة في «مسنده» -كما في «إتحاف الخيرة» (رقم 6107) -، وغيرهما، وإسناده ضعيفٌ؛ لجهالةِ بعض رواته.
(¬4) قال المؤلِّف في «جامع العلوم والحكم» (1/ 417): (مَن تحقَّق بكلمة التوحيد قَلبُه، أَخْرَجَتْ منه كلَّ ما سوى الله محبةً وتعظيماً وإجلالاً ومهابةً وخشيةً ورجاءً وتوكُّلاً، وحينئذ تُحْرَقُ ذنوبُه وخطاياه كلُّها، ولو كانت مِثلَ زَبَدِ البَحر، وربَّمَا قَلَبَتْهَا حسناتٍ، كما سبق ذكره في تبديل السيئات حسنات، فإنَّ هذا التوحيدَ هو الإكسيرُ الأعظمُ، فلو وضع ذرَّة منه على جبالِ الذنوب والخطايا لقلبها حسناتٍ، كما في «المسند» وغيره عن أم هانئ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ لا تَتْرُكُ ذَنْباً، وَلا يَسْبِقُهَا عَمَلٌ»).

الصفحة 139