كتاب شرح كلمة الإخلاص لابن رجب
مُوسَى عليه السلام قَالَ: يَا رَبِّ عَلِّمنِي شَيئاً أَذكُرُكَ بِهِ وَأَدعُوكَ بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى، قُل: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ [موسى]: يَا رَبِّ، كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولُونَ هَذَا. قَالَ: قُل: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ، إِنَّمَا أُرِيدُ شَيئاً تَخُصُّنِي بِهِ. قَالَ: يَا مُوسَى، لَو أَنَّ السموات السَّبعَ وَعَامِرَهُنَّ غَيرِي وَالأَرَضِينَ السَّبعَ في كِفَّةٍ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فِي كِفَّةٍ، مَالَت بِهِنَّ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ» (¬1).
وَلِذَلِكَ تَرجحُ بِصَحَائِفِ الذُّنُوبِ، كَمَا فِي حَدِيثِ السِّجِلاَّتِ والبِطَاقَةِ (¬2)، وَقَد خَرَّجَهُ أَحمَدُ وَالنِّسَائِيُّ (¬3) والتِّرمِذِيُّ أَيضاً مِن حَدِيثِ عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (¬4).
وَهِيَ الَّتِي تَخرِقُ الحُجُبَ كُلَّهَا حَتَّى تَصِلَ إِلى اللهِ عز وجل، وَفي
¬__________
(¬1) أخرجه النسائي في «الكبرى - عمل اليوم والليلة» (رقم 10602 و 10913)، وأبو يعلى في «مسنده» (رقم 1393)، وصحَّحه ابن حبان (رقم 6218)، والحاكم (1/ 528)، وصحَّحه أيضاً الحافظ ابن حجر في «الفتح» (11/ 208).
(¬2) ولفظه: «إنَّ الله سَيُخَلِّصُ رجُلاً من أُمَّتِي على رؤوس الخلائقِ يومَ القيامةِ، فيَنشُرُ عليه تسعةً وتسعِينَ سِجِلاًّ، كُلُّ سِجِلٍّ مثلُ مَدِّ البَصَرِ، ثُمَّ يقول: أَتُنكِرُ من هذا شيئاً؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الحافِظُونَ؟، فيقول: لا يا رَبِّ، فيقول: أَفَلَكَ عُذرٌ؟، فيقول: لا يا رَبِّ، فيقول: بَلَى إنَّ لك عندَنَا حَسَنَةً، فإنَّه لا ظُلْمَ عَلَيكَ اليومَ، فَتُخْرَجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا «أَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إلا الله، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ»، فيقول: أَحْضِرْ وَزنَكَ، فيقول: يا رَبِّ ما هذه البِطَاقَةُ مع هذه السِّجِلاَّتِ؟ فيقال: إِنَّكَ لا تُظلَمُ، قال: فَتُوضَعُ السِّجِلاَّتُ في كِفَّة، والبِطَاقَةُ في كِفَّة، فَطَاشَتْ السِّجِلاَّتُ وَثَقُلَت البِطَاقَةُ، فلا يَثقُلُ مع اسْمِ الله شَيءٌ».
(¬3) لم أر هذا الحديث في «سنن النسائي»؛ لا الصغرى ولا الكبرى، ولما أورد المزي هذا الحديث في كتابه «تحفة الأشراف» (رقم 8855) لم يَعْزُه للنسائي، وإنما عزاه للترمذي وابن ماجه فحسب، والله أعلم.
(¬4) أخرجه الترمذي في «جامعه» (رقم 2639)، وابن ماجه في «سننه» (رقم 4300)، والإمام أحمد في «المسند» (رقم 6994)، وصححه ابن حبان (رقم 225)، والحاكم في «المستدرك» (1/ 6 و 529).
الصفحة 143
167