كتاب شرح كلمة الإخلاص لابن رجب
Qورد في فضل كلمة التوحيد وفضل اللَّهَجِ بها من الأحاديث الصحيحة الشيءُ الكثيرُ، فهي إحدى الكلمات الأربع التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» (¬1)، ولا ريب أنَّ «لا إله إلا الله» هي أفضل هذه الكلمات الأربع.
وورد استحباب ذكر الله بها في مواضع، كالذكر بعد الصلاة، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» (¬2)، زاد مسلم: «لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إيَّاه، له النعمةُ وله الفضلُ وله الثناءُ الحَسَنُ، لا إله إلا الله مخلصين له الدِّينَ ولو كَرِهَ الكافرون» (¬3).
وبالجملة فذكر الله بها مطلقاً ومقيَّدَاً كثيرٌ، ومن ذلك ما ورد أنَّ: «مَنْ قَالَ: لاََ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ» (¬4).
وقد تقدَّم أنَّ «لا إله إلا الله» هي كلمة التقوى، بل لا تقوم التقوى إلا عليها، فبها يُتَّقَى الشرك بالله، وتُتَّقَى جميع المعاصي، فَمَن قالها وتحقَّق بها فقد حَقَّقَ التقوى التي هي امتثال الأوامر واجتناب المناهي.
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (رقم 2695) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(¬2) متفقٌ عليه من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه؛ أخرجه البخاري في مواضع، منها: (رقم 808)، ومسلم (رقم 593).
(¬3) أخرجه مسلم (رقم 594) من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه.
(¬4) تقدَّم تخريجه قريباً.
الصفحة 150
167