كتاب شرح كلمة الإخلاص لابن رجب

عَرَبِيٍّ: (بَلَغَنِي أَنَّ النَّاسَ إِذَا قَامُوا مِن قُبُورِهِم فَإِنَّ شِعَارَهُم: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) (¬1).
وَقَد خَرَّجَ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيثاً مَرفُوعاً: «إِنَّ شِعَارَ هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى الصِّرَاطِ: لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ» (¬2).
وَمِن فَضَائِلِهَا: أَنَّهَا تَفتَحُ لِقَائِلِهَا أَبوَابَ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ يَدخُلُ مِن أَيِّهَا شَاءَ، كَمَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه (¬3) عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَن أَتَى بِالشَّهَادَتَينِ بَعدَ الوُضُوءِ، خَرَّجَهُ مُسلِمٌ (¬4).
وَفِي «الصَّحِيحَينِ» عَن عُبَادَةَ [بن الصامت رضي الله عنه] عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَن قَالَ: أَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبدُ اللَّهِ [ورسوله] وَكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إِلَى مَريَمَ وَرُوحٌ مِنهُ، وَأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ اللَّهَ يَبعَثُ مَن فِي القُبُورِ فُتِحَت لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبوَابٍ مِنَ الجَنَّةِ يَدخُلُ مِن أَيِّهَا شَاءَ» (¬5).
¬__________
(¬1) أخرجه موقوفاً عليه: ابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم 71)، وفي «الأهوال» (رقم 103).
(¬2) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (رقم 160)، وفي «الدعاء» (رقم 1487)، وإسناده واهٍ.
(¬3) في نسخة (ب): ابن عمر، وهو خطأ.
(¬4) برقم (234)، ولفظه: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ».
(¬5) متفقٌ عليه، أخرجه البخاري (رقم 3252)، ومسلم (رقم 28).
تنبيهان:
أولهما: قوله: «وأنَّ اللَّهَ يَبعَثُ مَن فِي القُبُورِ» ليست في «الصحيحين»، ومثلها أيضاً ما وقع في نسخة (ب) من قوله قبلها: «وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيبَ فِيهَا»، بل لم أر هاتين الجملتين من رواية عُبَادة رضي الله عنه في شيءٍ من مصادر الحديث، فالله أعلم.
ثانيهما: قوله: «فُتِحَت لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبوَابٍ مِنَ الجَنَّةِ يَدخُلُ مِن أَيِّهَا شَاءَ»، هذا قريبٌ من لفظ مسلمٍ: «أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِن أَيِّ أَبوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ»، وأما لفظ البخاري فهو: «أَدخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ».

الصفحة 152