كتاب شرح كلمة الإخلاص لابن رجب

وَفي «صَحِيحِ مُسلِمٍ» عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَو أَبِي سَعِيدٍ - بِالشَّكِ (¬1) - أَنَّهُم كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في غَزَاةِ تَبُوكَ فَأَصَابَتهُم مَجَاعَةٌ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِنِطعٍ (¬2) فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضلِ أَزوَادِهِم، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ، وَجَعَلَ الآخَرُ [يَجِيءُ] (¬3) بِكَفِّ تَمرٍ، وَجَعَلَ الآخَرُ يَجِيءُ بِكِسرَةٍ، حَتَّى اجتَمَعَ عَلَى النِّطعِ مِن ذَلِكَ شَيءٌ يَسِيرٌ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيهِ بِالبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «خُذُوا في أَوعِيَتِكُم»، فَأَخَذُوا في أَوعِيَتِهِم حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي العَسكَرِ وِعَاءً إِلا مَلَؤوهُ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَفَضَلَت فَضلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَشهَدُ (¬4) أَن لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لا يَلقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبدٌ غَيرَ شَاكٍّ فِيهِمَا فَيُحجَبَ عَن الجَنَّةِ» (¬5).
¬__________
(¬1) الشكُّ من (الأعمش) من رواية أبي معاوية عنه، كما في «صحيح مسلم» وغيرِه، ومن رواية وكيعٍ عنه كما في «شرح السنة» للبغوي (رقم 52) وغيرِه.
ورواه «قتادة بن الفضيل» و «سهيل بن أبي صالح» عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة من غير شكٍّ.
وروي أيضاً عن أبي صالح - من غير طريق الأعمش - من غير شكٍّ، فرواه «طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ» و «سهيل بن أبي صالح» كلاهما عن أبي صَالحٍ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ من غير شكٍّ. [ينظر: «صحيح مسلم» (رقم 27)، و «مسند أحمد» (رقم 9466)، و «سنن النسائي الكبرى» (رقم 8743 و 8745)].
وعلى هذا فالظاهر أنَّ الحديثَ من مسند أبي هريرة لا من مسند أبي سعيد، والله أعلم.
(¬2) النِّطْع: هو بِسَاطٌ من الجِلْدِ، وفيه أربعُ لُغَاتٍ: فتحُ النُّونِ وكسرُها ومع كلِّ وَاحدٍ فَتحُ الطَّاءِ وسُكونُها = (نَطْع، ونَطَع، ونِطْع، ونِطَع). ينظر: «القاموس المحيط» (ص 991)، و «المصباح المنير» (ص 611).
(¬3) ما بين المعقوفتين ساقطٌ من الأصل، والسياق يقتضيه.
(¬4) في نسخة (ب): «مَن شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إلاَّ الله وَشَهِدَ أنِّي رَسُولُ الله ...».
(¬5) أخرجه مسلم (رقم 27).

الصفحة 32