كتاب شرح كلمة الإخلاص لابن رجب

Wوفي «المُسنَدِ» عَن بَشِيرِ بنِ الخَصَاصِيَةِ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لأُبَايِعَهُ فَاشتَرَطَ عَليَّ: شَهَادَةَ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَن أُقِيمَ الصَّلاةَ، وَأَن أُوتِيَ الزَّكَاةَ، وَأَن أَحُجَّ حَجَّةَ الإِسلامِ، وَأَن أَصُومَ رَمَضَانَ، وَأَن أُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا اثنَتَينِ فَوَاللَّهِ ما أُطِيقُهُمَا: الجِهَادُ والصَّدَقَةُ (¬1)، فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ ثُمَّ حَرَّكَهَا، وَقَالَ: فلا جِهَادَ وَلا صَدَقَةَ!، فَبِمَ تَدخُلُ الجَنَّةَ إِذاً?!، قُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أُبَايِعُكَ، فَبَايَعتُهُ عَلَيهِنَّ كُلِّهِنَّ (¬2).
فَفِي هَذَا الحَدِيثِ أَنَّ الجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ شَرطٌ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ مَعَ حُصُولِ التَّوحِيدِ وَالصَّلاةِ وَالصِّيَامِ وَالحَجِّ.
Qهذا الحديث من جنس ما قبله في اعتبار الأعمال، ولا سيما أركان الإسلام العظام؛ الصلوات الخمس، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد.
¬__________
(¬1) ورد في مصادر التخريج بيانُ سببِ عدمِ إطاقته رضي الله عنه للجهاد والصدقة فقال رضي الله عنه: «فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ مَنْ وَلَّى الدُّبُرَ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ، فَأَخَافُ إِنْ حَضَرْتُ تِلْكَ جَشِعَتْ نَفْسِي، وَكَرِهَتِ الْمَوْتَ، وَالصَّدَقَةُ - فَوَاللَّهِ - مَا لي إِلاَّ غُنَيْمَةٌ وَعَشْرُ ذَوْدٍ، هُنَّ رَسَلُ أَهْلِي وَحَمُولَتُهُمْ» وهذا لفظ أحمد.
(¬2) أخرجه أحمد في «المسند» (رقم 21952)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (رقم 450)، والطبراني في «الكبير» (2/ 44)، والحاكم في «المستدرك» (2/ 79) وقال: (هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ ولَم يُخرِّجاهُ).

الصفحة 52