كتاب شرح كلمة الإخلاص لابن رجب
Wوقالت طائفةٌ: تلك النُّصُوصُ المطلَقَةُ قد جاءت مقيَّدَةً في أحاديثَ أُخَر؛ ففي بعضِها: «مَن قَالَ: لا إله إلا الله مُخْلِصَاً» (¬1)، وفي بعضِها: «مُسْتَيْقِنَاً» (¬2)، وفي بعضِها: «يُصَدِّقُ قلبُه لِسَانَه (¬3)» (¬4)، وفي بعضِها: «يَقُولُهَا حَقَّاً من قَلبِهِ» (¬5)، وفي بعضِها: «قَد ذَلَّ بها لِسَانُه واطمَأَنَّ بها قَلبُه» (¬6)، وهذا كُلُّه إشارةٌ إلى عَمَلِ القَلبِ وتَحَقُّقِهِ بمعنى الشَّهَادَتَينِ.
فتَحَقُّقُهُ بقولِ (¬7) «لا إله إلا الله»: أن لا يَأْلَه القَلْبُ غيرَ الله؛ حُبَّاً ورجَاءً وخَوفَاً وتَوكُّلاً واستعانةً وخُضُوعاً وإِنَابَةً وطَلَبَاً.
وتَحَقُّقُهُ بِأنَّ «محمَّداً رسولُ الله»: أن لا يُعبَدَ الله بغيرِ مَا شَرَعَهُ الله على لِسَانِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في «صحيحه» (رقم 91) من حديث أبي هُريرَةَ رضي الله عنه.
(¬2) أخرجه مسلمٌ في «صحيحه» (رقم 156) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقد تقدَّم ذكره.
(¬3) وقع في نسخة (ب): «مُصَدِّقَاً بِهَا قَلبُه ولِسَانُه»، والظاهر أن واو العطف زائدة؛ فوجودها مخِلٌّ بالمعنى، ويؤيِّد هذا أنَّه قد وَرَدَ في «سنن النسائي الكبرى» (رقم 9772): «مُصَدِّقَاً بِهَا قَلبُه لِسَانَه» بدون واو العطف.
(¬4) أخرجه أحمد في «المسند» (رقم 8070 و 10713)، وابن خزيمة في «التوحيد» (رقم 441 و 461)، والحاكم في «المستدرك» (1/ 69) وصححه.
(¬5) أخرجه الإمام أحمد في «المسند» (رقم 447)، وابن خزيمة في «التوحيد» (رقم 500)، وصحَّحه ابنُ حبان «صحيحه» (رقم 204)، والحاكم في «المستدرك» (1/ 72 و 351) وصحَّحه، وجوَّد إسناده ابن كثير في «مسند الفاروق» (1/ 327).
(¬6) أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 259)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (رقم 9)، وغيرُهما، وإسناده ضعيف جداً.
(¬7) في نسخة (ب): [فتَحَقُّقُه بمعنى شَهَادَة أنْ لا إِلَه إِلاَّ الله].
الصفحة 63
167