كتاب شرح كلمة الإخلاص لابن رجب
وأَدنَاهُ أَن تُحِبَّ عَلَى شَيءٍ مِنَ الجَورِ، أَو تُبغِضَ عَلَى شَيءٍ مِن العَدلِ، وَهَل الدِّينُ إِلا الحُبُّ وَالبُغضُ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران:31]» (¬1).
وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ مَحَبَّةَ مَا يَكرَهُهُ اللَّهُ وَبُغضَ مَا يُحِبُّهُ مُتَابَعَةً لِلهَوَى، وَالمُوَلاةَ عَلَى ذَلِكَ وَالمُعَادَاةَ عَلَيهِ مِن الشِّركِ الخَفِيِّ.
وقَالَ الحَسَنُ: اعلَم أَنَّكَ لَن تُحِبَّ اللَّهَ حَتَّى تُحِبَّ طَاعَتَهُ (¬2).
وَسُئِلَ ذُو النُّونِ [المِصْرِيُّ]: مَتَى أُحِبُّ رَبِّي؟ قَالَ: إِذَا كَانَ مَا يُبغِضُهُ عِندَكَ أَمَرَّ مِن الصَّبِر (¬3).
وَقَالَ بِشرُ بنُ السَّرِيِّ: لَيسَ مِن أَعلامِ الحُبِّ أَن تُحِبَّ مَا يُبغِضُهُ حَبِيبُكَ (¬4).
وَقَالَ أَبُو يَعقُوبَ النَّهرَجُورِي: كُلُّ مَن ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ وَلَم يُوَافِق اللَّهَ في أَمرِهِ فَدَعوَاهُ بَاطِلٌ (¬5).
وَقَالَ يَحيَى بنُ مُعَاذٍ: لَيسَ بِصَادِقٍ مَن ادَّعَى مَحَبَّةَ اللهِ, وَلَم يَحفَظ حُدُودَهُ (¬6).
وَقَالَ رُوَيمٌ: المَحَبَّةُ المُوَافَقَةُ في جَمِيعِ الأَحوَالِ، وَأَنشَدَ:
¬__________
(¬1) أخرجه البزار في «مسنده» - كما في «كشف الأستار» (رقم 3566) -، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (2/ 632)، والعقيلي في «الضعفاء» (رقم 3538)، والحاكم في «المستدرك» (2/ 291) وغيرُهم، وهو (حديثٌ منكرٌ) كما قاله أبو زرعة والعُقَيلي، وقال الدارقطني: (ليس بثابت).
(¬2) لم أجده، وقد ذكره المولِّف في كتابه الآخر «جامع العلوم والحِكَم» (1/ 212).
(¬3) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (9/ 363 و 392).
و «الصَّبِرُ» - كـ «كَتِف» -: عُصَارَةُ شَجَرٍ مُرٍّ. [«القاموس المحيط» (مادة: صَبَرَ)].
(¬4) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (8/ 300)، وأخرجه أيضاً في (8/ 24) من قول إبراهيمَ بنِ أدهم - رحمه الله -.
(¬5) لم أجده، وقد ذكره المولِّف في «جامع العلوم والحِكَم» (1/ 213) و (2/ 397).
(¬6) ذكره القُشَيري في «الرسالة القُشَيرِيَّة» (ص 523).
الصفحة 85
167