كتاب الإكليل في استنباط التنزيل

عن ابن عباس في الآية قال: من أحرم بحج أو عمرة فليس له أن يحل حتى يتمها تمام الحج يوم النحر إذا رمى جمرة العقبة، وزار البيت، والصفا والمروة، واستدل به قوم على أن الإحرام من دويرة أهله أفضل. وروى الحاكم عن علي في قوله: وأتموا الحج والعمرة لله قال يحرم من دويرة أهله وقوم على أفضلية الإفراد روى عبد الرازق في تفسيره عن معملا عن الزهري قال بلغنا أن عمر قال في هذه الآية: من تمامهما أن تفرد كل واحد منهما عن الآخر وأن تعتمر في غير أشهر الحج، وقيل إتمامهما ألأن يخرج قاصداً لهما لا للتجارة ونحوها ويؤيده قوله {لله}
وقيل أن تكون النفقة حلالاً وقيل أن يقرن بينهما، وقيل أن تستوعب المناسك كاملة، واحتج بعموم الآية على إتمام الإحرام إذا فسد بالجماع وأن القارن إذا خاف فوت عرفة فليس له رفض العمرة، والمعتمرة إذا حاضت قبل الطوافلا ترفضها والصبي والعبد إذا كملا قبل الوقوف لا يرفضانه.
قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} .
فيه جواز التحلل بالإحصار وأن فيه دما وأنه لا يحصل التحلل إلا بذبحه في محله وأنه لا يجوز الحلق قبله وأن حلق الرأس حرتم على المحرم، واستدل به من لا يرى التحلل إلا من حصر العدو، فأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لا حصر إلا حصر العدو فأما من أصابه مرض أو وجع او ضلال فلا. إنما قال الله: فذا أمنتم. لكن قال مجاهد الحصر حبس كله، أخرجه ابن جرير فيعم العدو والمرض وغيرهما. وفي الآية رد على منع التحلل من العمرة بالإحصار وعلى من لم يوجب الهدي على المحصر، واستدل بها الحنفية على وجوب ذبحه بالحرم لا حيث أحصر لقوله: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}
مع قوله: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} .
{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} .
وسيأتي عن ابن عباس في تفسير الآية. واستدل بها من لم يجوز ذبحه قبل يوم النحر لأن الحل يقع على الوقت والمكان جميعاً ومن لم يجوز التحلل لفاقده، ومن لم له بدلاً ومن لم يوجب عليه القضاء لأنه تعالى لم يذكرهما ولم يكتف بالشاة لواجد البدنة زالبقرة لأنه علقه بالاستيسار ومن لم يجوز الاشتراك فيه لأن مقتضى قوله: ومن الهدي: هدي كامل، والمتقرب بمشترك فيه إنما تقرب ببعض هدي، ومن أباح التحلل للمكي واستدل بقوله: ولا تحلقوا رؤوسكم، على أن الحلق قبل الذبح في الحصر وغيره بناء على أن النهي عن الحلق عام له ولغيره،

الصفحة 45